دلالات إنهاء الاحتفاظ والاستدعاء لبعض الفئات في قوات النظام السوري
أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد أمراً إدارياً في 17 تموز/ يوليو 2023، يقضي بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء لصف الضباط والأفراد الاحتياطيين "المحتفظ بهم، والمدعوين الملتحقين" لكل من بلغت خدمته الاحتياطية الفعلية 6 سنوات ونصفاً فأكثر حتى تاريخ 31 تموز/ يوليو ضمناً. ويشمل فئتين هما:
- من تم الاحتفاظ به: يقصد به من أتم الخدمة الإلزامية الواردة في القانون السوري والمحددة بعام ونصف، ولم يسرح بعد انتهائها.
- من تم استدعاؤه: وتشمل من أدى الخدمة الإلزامية –عاماً ونصفاً– وتم تسريحه، وبعد التسريح تمت تعبئته في إحدى الوحدات العسكرية التي تناسب اختصاصه خلال خدمته الإلزامية، واستدعاؤه للخدمة من جديد وفق قانون التعبئة العام المعمول به في سورية من قبل إدارة التعبئة التابعة لقيادة قوات النظام.
وللعام الثاني على التوالي يتم إصدار أمر إداري يقضي بإنهاء الاحتفاظ والاستدعاء للفئتين المذكورتين. ويشير ذلك إلى مجموعة من الدلالات ، أبرزها :
- يشترك القراران الحالي والسابق بتحديد مدة الخدمة الاحتياطية بـ 6 سنوات ونصف فأكثر، فيما يبدو أنّ النظام يسعى لصناعة رأي عام جمعي يدفع المكلّفين في مناطقه للمفاضلة بين أداء الخدمة ثم الخروج من البلد بأوراق ووثائق رسمية تخوله العودة متى شاء، وبين الخروج من البلد بطريقة غير نظامية، ويتحول بذلك إلى ملاحَق قانونياً. وبالتالي يأمل النظام من وراء ذلك استقطاب فئة المكلفين للخدمة، والذين يتخلفون عنها بوسائل غير قانونية أو قانونية كـ"التأجيل الدراسي".
- تردي الحالة الاقتصادية الذي يعاني منه النظام، والتذمر الناجم عنه، وبالتالي محاولة التنفيس الجزئي عن حواضنه بقرار التسريح لهذه الفئة الشابة بشكل خاص، بالتزامن مع وقف العمليات العسكرية الكبيرة.
- أدت الوحدات التي تم إنشاؤها بعد التدخل الروسي، والتي تعمل بنظام العقود كـ"الفيلق الرابع والفيلق الخامس والفرقة 25" إلى القيام بالمهام والعمليات العسكرية التي تقوم بها الوحدات العسكرية لقوات النظام في ظل ما باتت تعانيه من انفراط بنيتها التنظيمية البشرية والفنية (العتاد القتالي وجاهزيته) والميل لتعزيز القدرة القتالية لتلك القوات. ومما يدل على ذلك اشتراكها في تنفيذ المشاريع العسكرية التدريبية مع روسيا، وكان آخرها مطلع تموز/ يوليو 2023، مع الفرقة 25 – مهام خاصة.
- يتعامل النظام بمبدأ "الكتمان العام" بما يتعلق بالشؤون العسكرية، بخلاف ما هو معمول في معظم الجيوش التي تعلن عن الإحصائيات الخاصة بالقوى البشرية "المكلفين، والاحتياط، والمسرحين في دورة ما، والملتحقين بدورة جديدة". ويمثل عدم إعلانه عن الإحصائية الخاصة بهذا القرار أحد مظاهر قلة عدد من يشملهم القرار، وضعف تأثيره العسكري والمجتمعي.
في المحصلة، يعكس الاحتفاء والترويج للقرار من قِبل إعلام النظام حالة اليأس والتذمر في الوسط الاجتماعي الذي يسيطر عليه النظام، وأنه أراد من وراء القرار بث أمل مؤقت لانفراج قريب في صفوف هذا الوسط، خاصة أنه يتزامن مع نشر إشاعات عن زيادة رواتب العاملين في مؤسسات الدولة.