تعليق أمريكي لبعض بنود العقوبات على سورية تبديد مزاعم النظام أم تراجُع عن العقوبات؟
في التاسع من شباط/ فبراير 2023 أصدر مكتب مراقبة الأصول الخارجية في وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصاً يسمح بجميع المعاملات المحظورة بموجب قانون العقوبات واللازمة لجهود الإغاثة من الزلزال في سورية.
ويأتي الترخيص بعد يومين من تصريح وزارة الخارجية الأمريكية بأن العقوبات الأمريكية الصادرة تجاه سورية تتضمن استثناءات تشمل المساعدات الإنسانية والطبية. وبذلك تشمل الرخصة الجديدة تحويلات الأموال من وإلى سورية، دون فرض أيّ عراقيل بنكية أو مالية عليها .
ويتوقع أن الترخيص الصادر عن الولايات المتحدة لرفع العقوبات عن أيّ عمليات تحويل أموال، يأتي في سبيل الاستجابة لتصريحات أممية أطلقها مسؤولون في الأمم المتحدة، وكذلك استجابة لمطالب بعض المؤسسات الإنسانية بألَّا تعيق العقوبات أيّ جهود للإغاثة والإنقاذ في سورية .
وقد أطلق النظام السوري عدة نداءات لرفع العقوبات الغربية عنه، بحجة أنها تعرقل جهود الإغاثة والإنقاذ، وهو ما يُكرره عند كل أزمة يواجهها، حيث أطلق النداءات نفسها في عام 2020 بعد تفشي فيروس "كوفيد-19"، وقامت الولايات المتحدة حينها برفع بعض العقوبات، إلا أن الأمر لم يغير أي شيء في جهود الإنقاذ والطبابة للسكان، حيث حوَّل النظام معظم المكاسب المتحصل عليها في فترة كورونا للاستخدام في المشافي العسكرية وعلى الجبهات، أو تمّت سرقتها من قِبل النظام.
وفي الواقع فإن العقوبات لا تمنع وصول المساعدات، وقد استقبل النظام بعد الزلزال أكثر من 40 طائرة مساعدات تحتوي على معدات إنقاذ وموادّ طبية وموادّ غذائية، إضافة إلى عدد من فِرَق الإنقاذ، كما استَقبَل سيارات موادّ غذائية ومحروقات وغيرها من الأردن والعراق ولبنان . كذلك فإن عدداً من المنظمات الدولية والمحلية تعمل أصلاً داخل مناطق سيطرة النظام، وتتلقى المساعدات بشكل دوري، وهي قادرة على تحويل الأموال واستقبالها دون عراقيل دولية، قبل الزلزال وبعده .
كما أن وصول الموادّ الغذائية والطبية وعمليات تحويل الأموال ودفع أثمانها أمر متاح، ويتم ممارسته من قِبل النظام السوري، بل ويتم حتى في حالة السلع التي تخضع للعقوبات مع دول مثل الصين وروسيا وإيران، باعتبار أنها دول لا تتقيد بأيّ عقوبات على النظام السوري .
وتؤكد هذه المعطيات أن النظام لم يصل إلى هدفه من المطالبة برفع العقوبات، وأن التعديلات الأمريكية الأخيرة لا تمثل إعادة للتطبيع مع النظام، بقدر ما تُمثِّل سحباً لبساط المظلومية من تحت أقدامه، ورمياً للكرة في ملعب النظام وحلفائه، وتحميلهم مسؤولية عدم الاستجابة لمساعدة المتضررين.