انهيار الليرة السورية إلى 10 آلاف مقابل الدولار: الأسباب والاتّجاه المتوقع
يوليو 14, 2023 4383

انهيار الليرة السورية إلى 10 آلاف مقابل الدولار: الأسباب والاتّجاه المتوقع

حجم الخط

 

مع مطلع عام 2023 بدأ سعر الليرة السورية مقابل الدولار عند حدود 7000 ليرة، واستمر عند هذا المستوى بانخفاض طفيف طيلة الربع الأول من العام ذاته، لتبدأ الليرة بالانهيار منذ أيار/ مايو؛ حيث انخفضت قيمتها من 8500 وصولاً إلى 10 آلاف مقابل الدولار منتصف تموز/ يوليو.   

لدى استعراض  حالة  الليرة السورية منذ عام 2011؛ يُلاحَظ أن مسار الانهيار أو مُنحناه كان متدرّجاً؛ حيث بدأ سعر الصرف عند 50 ليرة لكل دولار واستمر بالصعود على هذا النحو، لكنّ عام 2019 كان فارقاً بالنسبة لليرة عندما وصل سعرها إلى 1000 مقابل الدولار الواحد ثم 3000 عام 2020، وبمتوسط 4000 عام 2022، وهي زيادات نسبية متقاربة، فلا حوامل اقتصادية لليرة فعلياً. وبطبيعة الحال لا يمتلك البنك المركزي أي قدرة على الدفاع عن الليرة فلا سعر الفائدة مُجْدٍ ولا رغبة للتدخل لشراء الليرة ولا يوجد نظام مصرفي حقيقي في سورية، كما أن الثقة بمؤسسة المصرف المركزي انحدرت إلى درجة غير مسبوقة.   

من جانب آخر، يُلاحَظ أن سياسات مجلس النقد والتسليف وشريكه المركزي، وكذلك سياسات وزارة المالية متضاربة فيما بينها بشكل عامّ، ولا تدل على أي رغبة في ضبط سعر الليرة؛ على سبيل المثال رفع المصرف المركزي سعر الفائدة إلى 11% منتصف عام 2022، ثم قام بضخ كمية كبيرة من النقود في الأسواق مطلع عام 2023، ويُلاحَظ أن المركزي قام برفع سعر صرف الحوالات عدة مرّات بغرض مواكبة السوق وجمع أكبر مبلغ من العملات الأجنبية المحولة إلى سورية؛ وهو الهدف الرئيسي لعمل المصرف المركزي السوري، والذي يفسر توجُّهاته.   

يُحاول النظام السوري بشكلٍ مَا أن يوجه رسالة للدول العربية عَبْر سعر صرف الليرة –بشكل رئيسي بعد تطبيع العلاقات معه– بأن الأوضاع في سورية متدهورة وتزداد تدهوراً، وهو ما ركز عليه القادة العرب لتفسير خطوة التطبيع.   

في ظل بيئة متقلبة وغير مستقرة من الصعب توقُّع سعر صرف الليرة السورية، لكنّ المسار الطبيعي لليرة هو مسار هابط من حيث القيمة، وبالتالي مزيداً من الارتفاع في سعر الصرف، كما أن عدم رغبة المصرف المركزي التي ظهرت بشكل واضح عام 2023 بضبط سعر الليرة يشجع على انخفاض سعر الليرة. كذلك يُلاحَظ أن سعر الليرة من الممكن أن يستقر لكنه ينخفض بشدة عند أي هزّة؛ حيث لا يمتلك مقومات الصمود.   

إذاً لا رغبة للنظام بضبط سعر صرف الليرة، بل جمع مزيد من العملات الأجنبية، ولا توجد قدرات نقدية أو مالية حقيقية لضبط السعر، كما أن تدهور الأوضاع قد يصبّ في صالح دعوة صُنّاع القرار العرب والدوليين للتدخل في سورية بالتعاون مع النظام، وعليه يُرجَّح أن يستمر سعر صرف الليرة بالتدهور حتى نهاية عام 2023، مع احتمالية استقراره خلال موسم الصيف الجاري وحتى مطلع الشتاء.