انتخابات مجلس الشعب للنظام السوري: نتائج محسومة مسبقاً
يوليو 13, 2024 7300

انتخابات مجلس الشعب للنظام السوري: نتائج محسومة مسبقاً

حجم الخط

مقدِّمة  

يُجري النظام السوري في 15 تموز/ يوليو انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع، وذلك وَفْق الموعد المحدَّد بالمرسوم رقم 99 لعام 2024 الصادر عن بشار الأسد، والمستنِد إلى المادة 62 من الدستور وإلى قانون الانتخابات العامة الصادر بالقانون رقم 5 لعام 2014 وتعديله بالقانون رقم 8 لعام 2016، الذي سمح بنقل مراكز الاقتراع إلى خارج مناطق الدوائر الانتخابية.  

تأتي هذه الانتخابات بعد 4 سنوات على أطول تهدئة في النزاع منذ اندلاعه عام 2011، حقق النظام بدعم من حلفائه خلالها اختراقاً سياسياً بما يخصّ فكّ العزلة الدولية المفروضة عليه، وتحديداً العربية والإقليمية، مع استمرار تعطيله للحلّ السياسي.  

أولاً: واقع التحضير للعملية الانتخابية الشكلية  

تُعقد انتخابات مجلس الشعب للدور التشريعي الرابع بشروط مماثلة للانتخابات السابقة ودون تغيير في حصة المحافظات وكل من العمال والفلاحين وحصة باقي الفئات وتُحكم بذات الظروف والقوانين؛ حيث حدّد المرسوم رقم 99 لعام 2024 عدد أعضاء مجلس الشعب المخصص لكل من قطاع العمال والفلاحين وقطاع باقي فئات الشعب في الدوائر الانتخابية (127 لقطاع العمال والفلاحين و123 لباقي فئات الشعب).  

قامت اللجنة القضائية العليا للانتخابات عَبْر لجانها الفرعية ولجان الترشح باستقبال طلبات الترشح لعضوية مجلس الشعب؛ حيث يُشترَط في المرشح: أن يكون عربياً سوريّاً منذ 10 سنوات بتاريخ تقديم الطلب، مُتِمّاً 25 من عمره، ومتمتعاً بحقوقه السياسية والمدنية، وألا يكون محروماً من حق الانتخاب، وأن يجيد القراءة والكتابة، وألَّا يكون محكوماً بجناية أو بجنحة شائنة.  

كانت انتخابات مجلس الشعب في دورته الثالثة بتاريخ 20 أيار/ مايو 2020 قد أُجريت في 7400 مركز في مناطق سيطرة النظام لانتخاب 250 عضواً (127 لقطاع العمال والفلاحين و123 لباقي فئات الشعب). بينما حددت اللجنة العليا في هذه الدورة 8150 مركزاً للاقتراع ونقلت مراكز الاقتراع الخاصة بالرقة وريف حلب إلى مدن أخرى؛ حيث يتوزع سكانها مؤقتاً، ومن المتوقع أن يتم أيضاً نقل عدد من المراكز في محافظة السويداء.  

وصل مجموع عدد طلبات الترشح للانتخابات المقبولة 9194 مترشحاً لهذه الدورة، بينما كان عدد المترشحين في الدورة الماضية عام 2020 قد بلغ 1658 مترشحاً بينهم 456 مترشحاً عن فئة العمال والفلاحين، في ارتفاع ملحوظ وكبير للغاية بأعداد المترشحين عن جميع المرات السابقة، لكنه يقترب مع أعداد المترشحين للفترات السابقة عن عام 2011. فيما يبدو أنّ النظام يرغب برفع أعداد المترشحين لهذه الدورة في محاولة تشكيل صورة جديدة بأنّ البلاد عادت إلى حالتها السابقة قبل النزاع.  

من جانب آخر، ظهرت في المدن الكبرى حالة التنافُس بين قوائم تضم تجاراً قُدامى كانوا أعضاء سابقين في مجلس الشعب، وأصحاب المال الجُدد من تجار الأزمات المدفوعين بالحماس والطمع للجوء إلى مراكز جديدة لحماية النفوذ عَبْر عضوية المجلس؛ حيث فتح النظام المجال أمام تعدُّد القوائم وارتفاع حِدَّة التنافُس والخطاب بين المترشحين، بخلاف ما جرت العادة حيث كانت الأجهزة الأمنية تجمع مسبقاً المرشحين في قوائم واحدة شبيهة بقوائم الجبهة الوطنية، ويبدو ذلك رغبة من النظام بقياس قدرة وقوة المترشحين تاركاً الباب أمام السلطة الأمنية للتدخل في النتائج باللحظة الأخيرة لإعادة توزيع وهيكلة القوى من جديد في المدن الكبرى. وكذلك، بالنسبة للقوى العشائرية؛ حيث ظهرت في قوائم المترشحين رموز العشائر القديمة إضافة إلى شيوخ ووُجهاء جُدد.  

كما أظهرت القوائم وجود أسماء قادة مجموعات مسلّحة لم تكن موجودة في الدورة السابقة، في محاولة واضحة للنظام بالسماح لهذه القُوى بالتمدُّد داخل السلطة السياسية عَبْر المجلس التشريعي. ولم تظهر أحزاب المعارضة الصغيرة الجديدة بقائمة واحدة، وبقي مرشحوها بأسماء فردية؛ في محاولة من النظام لإظهار هذه الأحزاب ضعيفة وغير متوافقة على برنامج سياسي موحَّد، وكَيْلا يسمح لهم بتشكيل أي كتلة داخل مجلس الشعب مستقبلاً، منعاً لتشكيل أيّ آلية تساؤُلٍ للحكومة. بالمقابل أبقى النظام على كتلة الجبهة الوطنية التقدمية بقوائم موحَّدة في جميع الدوائر الانتخابية.  

ثانياً: كيف يحتكر النظام الأغلبية المطلَقة في مجلس الشعب؟  

يُسيطر النظام السوري عَبْر أجهزته الأمنية بشكل كامل على مفاصل البلاد بما فيها الحياة السياسية، ومع ذلك فقد صمّم نظاماً انتخابياً لاحتكار السلطة بشكل كامل، من خلال:  

1. اعتماد دوائر انتخابية كبيرة:  

تجري الانتخابات بموجب آلية محكمة تم تصميمها، لتُبقي الأغلبية المطلقة بالثلثين بيد حزب البعث؛ حيث تتم العملية بالانتخاب السري المباشر عَبْر القائمة المفتوحة الواحدة لكل دائرة انتخابية، بينما يَعتبر النظام كل محافظة دائرة انتخابية واحدة باستثناء حلب التي تقسم لدائرتين حلب ومناطق حلب.  

يطلب قانون الانتخابات من المواطن أن ينتخب في دائرته عدداً كليّاً مماثلاً لعدد مقاعد محافظته، معتمداً على نظام الدوائر الانتخابية الكبيرة، مما يضع الناخب أمام حالة من الجهالة بكل المترشحين؛ فالمواطن في دائرة حمص مثلاً عليه أن ينتخب في مقر إقامته في تلكلخ مترشحاً في بادية حمص التي تبعد عنه أكثر من 200 كيلومتر، كما يفترض على المترشح أن يقوم بدعايته الانتخابية في قطاع جغرافي واسع ومتباعد، وهذا يُجبر المقترع على اللجوء للقوائم المُعَدّة مسبقاً مما سيعطي الأفضلية لقوائم التحالُفات والأحزاب الكبرى. ويقضي على أحلام الأحزاب الناشئة ويتحكم بالتكتلات السياسية والانتخابية.  

وكون نظامِ الحكمِ شمولياً وقانونِ الأحزابِ جديداً نسبياً ولا يوجد أحزاب منتشرة على مساحة البلاد، فلا يوجد أمام المقترع إلا اللجوء لقائمة الجبهة الوطنية التي جعلها النظام وصية على الحياة السياسية بقيادة حزب البعث منذ عام 1973؛ حيث جرت العادة أن تقوم الجبهة بطباعة ورقة انتخاب مُعَدَّة مسبقاً تقوم لجان مراكز الانتخاب بتوزيعها على المقترعين بالمراكز، تتضمن أسماء مرشحيها للانتخابات بالدائرة، ولا تكون شاملة لكل المقاعد بل تترك ما نسبته 20% فارغاً تقريباً؛ لكي يستكمله المواطن فيقوم بتعبئة اسمين أو ثلاثة، وبالتالي يصبح فوز مرشحي الجبهة مسألة تلقائية وحتمية.  

2. اعتماد قاعدة الصوت غير المتساوي في التمثيل:  

جعل الدستور السوري لعام 2012 عدد أعضاء مجلس الشعب 250 عضواً أغلبيتهم من فئة العمال والفلاحين، وكذلك فعل قانون الانتخابات رقم 5 لعام 2014، وترك قانون الانتخابات لرئيس الجمهورية منفرداً تحديد العدد المخصص لكل محافظة أو دائرة وأيضاً العدد المخصص لكل فئة، دونما وضع معيار متساوٍ ومحدد وواضح للتمثيل؛ حيث إنّ حصة محافظة القنيطرة مثلاً 5 أعضاء. لم يوضح القانون المعايير التي تم من خلالها تبني هذه الأعداد، فهي غير مستندة لقاعدة تمثيلية متساوية وواضحة، وإنْ كانت معظم الدول تتخذ قاعدة ثابتة بمعيار التساوي تحدد من خلالها العدد المخصص لنسبية التمثيل بتقسيم التعداد العامّ للسكان على عدد المقاعد بالمجلس فيكون لكل دائرة مقاعد موازية لتعداد سكانها، فعلى فرض أن تعداد سكان سورية 25 مليون نسمة مقسماً على 250 مقعداً سيكون كل كرسي مخصص لـ 100 ألف صوت، وهكذا بحسب نِسَب التصويت.  

كما لم تصرح لجنة الانتخابات العليا عن التعداد العام وتوزُّع سكان المحافظات خلافاً لقانون الانتخابات، ولم توضح ما إنْ تم تحديث وتدقيق ونشر الجدول الانتخابي العام الذي يحدد عدد وأسماء وموطن المواطنين الذين يحقّ لهم الانتخاب. وحسَب آخِر إحصاء رسمي في سورية تم عام 2004 فإن التعداد العام لسكان سورية كان 17.920.844 مواطناً، وكان تعداد محافظة القنيطرة 66.627. وعلى فرض أن الأعداد لم تتغير -وهذا مستحيل بعد حالة الحرب التي دخلت فيها البلاد منذ عام 2011 وحركة النزوح والهجرة الكبيرة- فإن النسبة التمثيلية ستكون تقريباً مقعداً واحداً في مجلس الشعب لكل 72 ألف صوت، لكن يُلاحَظ أنّ القنيطرة تُمثّل ليس بمقعد واحد بل بـ 6 مقاعد.  

وكانت محافظة ريف دمشق قُرابة 2.3 مليون مواطن وتم منحها 19 مقعداً، بمعنى أن 120 ألف مواطن من ريف دمشق سيُمثَّلون بمقعد واحد، وهذا إخلال بقاعدة "القوة التمثيلية لأصوات الناخبين متساوية". وبمقارنة مجمل الأعداد ونسب التمثيل يُلاحَظ أن كلاً من محافظات حلب وريفها وريف دمشق والرقة والحسكة ودير الزور وحماة ودرعا قد ارتفع لديها معدل نسبة التمثيل لصالح محافظة دمشق والقنيطرة واللاذقية وطرطوس التي انخفض عندها معدل نسبة التمثيل، وبالتالي مُثلت بشكل أكبر داخل المجلس النيابي؛ بمخالفة واضحة لمعيار الصوت المتساوي لجميع الناخبين.  

من الواضح أن النظام اعتمد قاعدة الصوت غير المتساوي في التمثيل؛ بهدف تعزيز نفوذ مناطق معاقله في مجلس الشعب، والمتمثلة في الساحل وحمص ودمشق والقنيطرة؛ حيث تضم هذه المناطق النسب الأكبر من أبناء الطائفة العلوية.  

3. إبقاء نسبة أغلبية المجلس لصالح العمال والفلاحين:  

فرض دستور عام 2012 -كما سابِقه- أن يكون أغلب أعضاء مجلس الشعب من العمال والفلاحين، وعرّف قانون الانتخابات هذه الفئات؛ فالفلاح مَن يعمل بالأرض وتُعتبر مصدر رزقه الأساسي، والعمال كل موظف لدى القطاع العامّ أو الخاصّ أو المشترك، وعليه أن يحصل على كتاب من المنظمات الفلاحية أو العمالية أو سجل موظفي الدولة يُثبت انتماءه لتلك المنظمات، وافترض ألَّا يكون للعامل أو الفلاح سجل تجاري أو صناعي.  

لتكون (أ) فئة العمال والفلاحين و(ب) باقي فئات الشعب وهذا موروث من نظام الحكم الشمولي الاشتراكي الذي تبنَّاه البعث بعد انقلاب 1963، ورغم إلغاء الدستور الجديد للنهج الاشتراكي لكن بقيت تطبيقاته مفعَّلة في الحياة السياسية لصالح مزيد من السيطرة لأعوان النظام، فرغم تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة التي جعلت الحزب قائداً للدولة والمجتمع بقيت المنظمات الفلاحية والعمالية والنقابية تحت الإدارة والسيطرة التامة والمباشرة من قِبل سلطات ومكاتب حزب البعث إضافةً للأجهزة الأمنية، وقيادة هذه المنظمات تُزكَّى من قِبل الحزب ليتم انتخابها من أعضاء المنظمات في مؤتمراتها بعد ترديد شعار الحزب، وكأن مؤتمرات تلك المنظمات ما زالت تُعتبر اجتماعاً حزبياً. وبالتالي فإن مرشحي تلك المنظمات لا يمكن اعتبارهم إلا جزءاً من منظومة حزب البعث؛ فالحزب يضمن وصول أغلبية مطلقة من أتباعه للمجلس عَبْر بوابة التمثيل الفئوي للعمال والفلاحين.  

ثالثاً: أهمية انتخابات مجلس الشعب للنظام السوري  

يُصِرّ بشار الأسد على إجراء الانتخابات بموعدها؛ لأنها تشكل له عنوان شرعيته الأول؛ حيث يهتم بمظهر الانتخابات أكثر من جوهرها؛ لأن نتائجها محسومة له مسبقاً، لكنه يريد أن يُخرجها بمظهر يوافق نظامه القانوني والمعايير الدولية بالحد الأدنى ليواجه المعارضة والمجتمع الدولي بأنه يمتلك شرعية مصدرها انتخابات عامة ومباشرة.    

يستمر الأسد باتخاذ سلسلة من الإجراءات التي توحي بإحكام سيطرته على السلطة، وأنه مستمر بإنفاذ خططه في إعادة بناء منظومة الحكم من خلال اتخاذه قرارات بالبدء بإعادة هيكلة القطاع الأمني والقطاع الاقتصادي، وكذلك هيكلة الحياة السياسية المغلقة أصلاً عبر حزب البعث وتحالُفه مع الجبهة الوطنية التقدمية، حيث يُسهم الإعلان عن إجراء الانتخابات التشريعية بإنعاش كوادره السياسية، ويعيد رسم خريطة النفوذ لدى القوى الاجتماعية والاقتصادية. كما يريد أن يرسم  صورة توحي بعودة الحياة لطبيعتها في سورية تحت ظله وتمحو آثار الحرب، وليُظهِر أمام الدول التي طبّع العلاقات معها أنه قادر على تسيير شؤون الدولة ويتماشى مع ضرورات تغيير سلوكه. وكذلك ليمد حلفاءه في موسكو وطهران بمزيد من الحجج بأنه قائم على عملية التغيير وينفذ شروط الأمم المتحدة ويبادر ليقيم انتخابات عامة مباشرة بمشاركة واسعة من أجل تحسين صورته وتحسين شروط مفاوضاته ووضع خصومه أمام مسار يرسمه يغير من سلوكه ويطبق مضمون سلال التفاوض للحل الدولي من تلقاء ذاته.  

بالطبع سيتمكن الأسد من إجراء الانتخابات، وسيحصل مسبقاً عَبْر تحالف حزب البعث مع الجبهة الوطنية على نتائج تبقي أكثر من ثلثَيْ أعضاء مجلس الشعب بيده مع تحكُّمه أمنياً بالثلث الثالث الممثِّل للمستقلين والأحزاب المصنَّعة حديثاً تحت السلطة. لكنّه لن يستطيع أن يمنح شرعيةً كاملةً وحقيقيةً ومعترَفاً بها دولياً لإجراءاته في الوقت الحالي، خاصة أن قُرابة نصف الأراضي السورية خارج سيطرته، ويخضع مباشرةً لنفوذ المعارضة أو لنفوذ قوات عسكرية أجنبية على الأراضي السورية، كما أن أكثر من نصف الشعب بين مهجَّر ونازح ومعتقل، مع وجود قرارات دولية مفروضة تجاه النظام ترسم خريطة حلّ سياسي.  

مع ذلك ثمّة تحدٍّ طارئ للنظام رغم ضمانه لنتائج الانتخابات والأهداف المرسومة مسبقاً لها، وهو حراك السويداء المناهض لسلطة النظام وخروج معظم سيطرتها عنه سيكون الامتحان الأهمّ لهذه الانتخابات البرلمانية العامة، فلو استطاع إنفاذها داخل المحافظة وبمرشحين معروفين سيكون قد كسب جولة أمام معارضيه فيها، أما إنْ فشل في تنظيم الانتخابات داخل مدن السويداء فسيترتب على ذلك نصر مُعلَن للمعارضة، وقد يؤدي ذلك لتحوُّل المواجهة بين الطرفين لمواجهة عسكرية، خاصة أن النظام عزز انتشاره الأمني والعسكري فيها مؤخراً.  

سيستخدم النظام في حالة فشله بتنظيم انتخابات بالسويداء القانون رقم 8 لعام 2016 المعدّل لقانون الانتخابات والذي يسمح له بنقل دائرة انتخابية كاملة أو مراكز الانتخابات بناءً على الضرورات التي تجدها لجنة الانتخابات العليا إلى مناطق أخرى. علماً أن انتخابات مجلس الشعب تعتبر المحافظة كلها دائرة انتخابية واحدة، وعندها سيستخدم شخصيات تابعة له لتنفيذ المسرحية، لكن خارج مدن السويداء الرئيسية، كما اتبع تلك الحيلة في رسم تنفيذه السابق لانتخابات في المحافظات الشمالية والشرقية الخارجة عن سلطته في حلب وإدلب وحماة والحسكة والرقة ودير الزور.  

خُلاصة  

اضطر النظام لتعديل الدستور واستصدار قوانين للانتخابات والأحزاب السياسية بعد عام 2011 بفعل الحَراك ضده، لكنه أبقى على مفاتيح الحياة السياسية خاضعة لسلطته الأمنية؛ وأيضاً عَبْر سنّ قوانين مَلْويّة العنق لصالحه، فلم ينتج عن قانون الأحزاب حرية سياسية إنما نشأت أحزاب صغيرة من رَحِم الأجهزة الأمنية.  

كما صمّم النظام آلية انتخابية تُبقي السلطة خاضعة لرقابته وتُبقي لتحالف الجبهة الوطنية أغلبية الثلثين في أي انتخابات تجري، سواءً كانت تحت إشرافه المباشر راهناً أم إشراف دولي مستقبلاً؛ حيث تتضمن هذه الآلية انتخاباً بالكتل المفتوحة في دائرة كبيرة تمثل محافظة؛ مُطوِّقاً للأحزاب السياسية الناشئة، ومع غياب معيار الصوت المتساوي مايَزَ النظام في نِسَب التمثيل لصالح مناطق معاقله، وفرض أغلبية تمثيلية  مخصوصة لفئة العمال والفلاحين المُدارَة والمسيطَر عليها من قِبله؛ ليس فقط من أجل ضمان وصولها للمجلس التشريعي وامتلاكها أغلبية مريحة تفوق الثلثين بل أيضاً لمنع وصول أي حزب أو جماعة أو كتلة سياسية تمتلك عدداً يمثّل خُمْس أعضاء المجلس أي خمسين عضواً يستطيعون أن يقدموا الاستجوابات للحكومة ويطرحوا الثقة بأعضائها أو يطعنوا بدستورية وشرعية القوانين والمراسيم. وبالتالي عطّل النظام أيضاً تشكيل الخُمْس المُسائِل.  


 

الباحثون