إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية الآثار والتداعيات
مايو 09, 2023 3773

إعادة النظام السوري إلى الجامعة العربية الآثار والتداعيات

حجم الخط


قرّرت جامعة الدول العربية في 7 أيار/ مايو 2023، استئناف مشاركة النظام السوري في اجتماعاتها وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها.

وبينما كان سبب تعليق عضوية النظام في الجامعة العربية نهاية عام 2011 هو رفضه تنفيذ المبادرة العربية للحل، جاء قرار إعادة مقعد سورية له عام 2023 دون وجود مبادرة يمتثل إليها، باستثناء التعامل مع بياني عمّان وجدّة كمخرجات قدّم النظام الاستعداد لتنفيذها.

ورغم غياب المبادرة العربية، والذي يُشير إلى استمرار الخلافات بين الدول الأعضاء، إلّا أنّ هناك شروطاً والتزامات دفعت النظام –على ما يبدو– لعدم الترحيب بقرار الجامعة؛ حيث اكتفى بإصدار بيان يُعبّر فيه عن الاهتمام بمشاركته في اجتماعاتها مع إغفال الإشارة إلى أي بنود أخرى.

إنّ قرار تشكيل لجنة اتصال وزارية عربية لمتابعة تنفيذ بيان عمان، وتقديم تقارير دوريّة لمجلس الجامعة يُوضح أنّ المسار العربي للانخراط في الحل سيبدأ بمعالجة القضايا الأمنية مثل خطر الإرهاب وخطر تهريب المخدرات، والقضايا الإنسانية مثل تسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتسهيل عودة اللاجئين، والتدرج بها خطوة بخطوة للوصول إلى حل سياسي شامل.

ما سبق يعني أنّ الجامعة العربية ستتعامل بحذر مع النظام؛ بشكل يقيّد أي انفتاح اقتصادي وسياسي كامل عليه إلّا وفق ما يبديه من التزام فعلي بالشروط والخطوات المطلوبة. لكنّ يُتوقّع أن يماطل النظام في التنفيذ والامتثال لا سيما مع غياب خطة عمل ومبادرة واضحة.

على أي حال، تبقى الجهود العربية مرهونة بشكل وطبيعة العلاقات العربية مع كل من إيران وروسيا والولايات المتحدة وتركيا. على سبيل المثال، إنّ أي تحسّن في الاتفاق المبرم بين الرياض وطهران سيكون دافعاً لتحقيق مزيد من التقدّم في الانخراط العربي بالحل في سورية، كذلك، إنّ رفع العقوبات الغربية عن النظام أو منحه أي استثناءات سيكون مرتبطاً بمدى قناعة واشنطن بجدوى الخطوات المتّخذة إزاء تعديل سلوكه.

هناك صعوبات بالغة تقف أمام الجهود العربية للحل في سورية، بما يُقيد أي رغبة في التأثير على العملية السياسية، فأي توجهّ لإعادة تشكيل المعارضة السورية، وكذلك مواقفها في اللجنة الدستورية، بشكل يتوافق مع سياسات النظام يحتاج لغطاء دولي واسع وهو غير متوفّر حالياً.

إنّ أقصى تأثير سلبي ممكن على المعارضة السورية جرّاء المساعي العربية للتدخل في الحل هو سحب الاعتراف بالائتلاف الوطني من قبل الجامعة العربية، لكنّ ذلك لا يُسقط شرعيته الدولية؛ باعتبار أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة سبق ورحّبت بإنشائه في قراراها 67/262 (2013) بوصفه الممثل الشرعي للشعب السوري.

هيئة التفاوض هي الأخرى لا تتأثر بالقرار العربي الجديد؛ كونها تستمد شرعيتها من القرار 2254 (2015) الذي يستند إلى بيان جنيف (2012) وإلى بياني فيينا (2015) وليس إلى قرارات الجامعة العربية، ومثل ذلك اللجنة الدستورية التي تستمد شرعيتها من اعتراف مجلس الأمن بها في بيان رئيسه 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2019.

بلا شك، فإنّ هذا القرار يُشكل تراجعاً عربياً خطيراً عن الموقف الذي تم اتخاذه نهاية عام 2011 في مواجهة الانتهاكات الجسيمة التي كانت تحدث في سورية، وهو ما يصبّ في مصلحة مرتكبي هذه الانتهاكات، ويُعزز فرص ارتكاب انتهاكات مماثلة في دول أخرى. 

ومع ذلك، فإنّ الآثار الفعلية لهذا القرار تبدو محدودة في المرحلة الحالية، وتحصر تأثيره في المستوى الدبلوماسي والإعلامي، دون انعكاسات فعليّة على الوضع الاقتصادي وتالياً على إعادة الإعمار، وهي المكتسبات الفعلية التي يتطلع النظام إليها. كما أن العودة المشروطة، سواء أكانت شكلية أم فعلية، تُضعف من تأثير القرار حتى من الناحية الإعلامية بالنسبة للنظام، وهو ما يُبرر غياب ترحيبه بالقرار.