حصاد الجماعات الإسلاميّة المعارضة في سوريّة عام 2018
Ara 31, 2018 3189

حصاد الجماعات الإسلاميّة المعارضة في سوريّة عام 2018

Font Size
مدخل تمهيديٌّ: 
شغلت الجماعات الإسلامية بمختلف تنظيماتها السياسيّة والعسكريّة مواقع مهمّة في مسيرة الثورة السوريّة وكانت فاعلاً أساسيًّا في كثيرٍ من المواقف التي ارتبطت بها المواقف الدوليّة والاهتمامات المحلّيّة، وقد مرّت هذه الجماعات -بعضها أو كلُّها- بتغيُّرات متراكمةٍ عديدة من حيث الرؤى الفكريّة أو الهياكل التنظيميّة أو الممارسات السياسيّة. 
تعدُّ جماعة الإخوان المسلمين وحزب التحرير أبرز الجماعات الإسلاميّة "السياسيّة" النشطة في الساحة السوريّة كما يمثّل المجلس الإسلامي السوري المظلة أو المرجعيّة الدينية التي تستند إليها الفعاليات الثورية في الفتاوى والعبادات والأحكام الفقهية المرتبطة بواقع الحياة اليومية، وقد برزت تنظيمات "جيش الإسلام" و"أحرار الشام" معبّرةً عن السلفيّة العلميّة والسلفيّة الجهاديّة المعتدلة، في حين أن جبهة النصرة المتحالفة مع مكوّنات جهاديّة أخرى، باتت أقرب إلى السيطرة الفعليّة في أغلب مساحات إدلب وريف حلب الغربي بتحالفها الأخير "هيئة تحرير الشام" الذي تعامل مع مسار آستانة بمنظور واقعيٍّ أقرب للبراغماتيّة منه إلى الرفض والانسداد، مما دفع مجموعاتٍ "مهاجرة" إلى الانشقاق عنها وتشكيل تنظيم "حُرّاس الدين" ليكون مثالاً صارخًا للعودة إلى الحالة الأولى من القاعدة بإيديولوجيّتها الجهاديّة. 
في غضون ذلك كان تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" يعيش احتضار تنظيمه "الدولتيّ" رسميًّا في مناطق سيطرته النهائية في آخر جيوب محافظة دير الزور في منطقة الباغوز وهجين وما حولهما، الأمر الذي يشي بأن التنظيم سينتقل إلى اتّباع أساليب جديدةٍ في العمل العسكري والهيكلي، ممّا يحتّم على متابعي التنظيم تقدير تلك الأساليب ورصدها ودراسة تأثيرها واستشراف مستقبلها كُلّيًّا بحسب ما يتوفّر من مُعطَيات. 
شغلت الساحة السوريّة في عام 2018 العديد من القضايا المحوريّة سياسيًّا وميدانيًّا، وقد كانت لهذه التنظيمات آراء واضحة فيها، ومواقفُ مأخوذةٌ يجدر التوقُّف عندها وتحليل أبعادها، كالموقف من الاقتتال الداخلي بين هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى المتفجّر بين فينة وأخرى في منطقة الشمال السوريّ المحرّر، والموقف من مخرجات مؤتمر "سوتشي".
1) التجمُّعات التنظيميّة:
1. 1: "جماعة الإخوان المسلمين"
اتّخذت "الجماعة" في عام 2018 العديد من المواقف التي يجب التوقُّف عندها، كموقفها من اللجنة الدستوريّة ومعركة غصن الزيتون، إضافةً إلى حدوث انتخابات فيها أواخر العام، مما يزيد من احتمال تغيُّر وجوه القيادة فيها. 
1. 1. 1: الموقف من مؤتمر "سوتشي".
كانت أبرز المواقف السياسيّة التي افتتحت بها الجماعة عامها هو موقفها من الدعوة لمؤتمر الحوار الوطني في منتجع "سوتشي" الروسي، وعلى الرغم من الحذر الذي تبديه الجماعة من الآراء السياسيّة إلا أنها تبدي موافقتها على الحل السياسيّ "الذي يلبّي طموح الشعب السوري ويفضي إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية لا يكون فيها للمجرمين فيها حضور أو تأثير مع ضمان محاسبتهم لتحقيق العدالة الانتقالية" ، ومن ثم فقد رفضت الجماعة حضورَ المؤتمر قبل انعقاده، معلنةً أنّه وما سينتج عنه لن يكون إلا "ترسيخاً للاحتلال الروسيّ وتجاهلاً للحلّ السياسيّ المنصوص عليه في قرارات جنيف"، ومؤكّدة على أن استمرار وجود نظام الأسد والاحتلالين "الروسيّ والإيرانيّ" للبلاد لا يعطي للحل السياسي العادل أيّ فرصة، كما أن الشعب السوري لن يقبلَ "حلاً سياسيًّا ملطّخًا بدماء الأطفال والنساء   
عادت الجماعة إلى التأكيد على ذلك في بيانها الذي أصدرته إثر انعقاد المؤتمر والإعلان عن مخرجاته، حيث وصفت روسيا بالدولة المحتلّة التي تضغط على المعارضة لفرض حلٍّ بالإكراه يقبل ببشار الأسد ويغضّ الطرف عن مطلبها الأساس بالانتقال السياسي من الاستبداد إلى الحرّية، مستنفرةً لذلك حشدًا كبيراً من السوريين المؤيّدين للنظام الذين لا يمثّلون الشعب السوري ويزيّفون إرادته .
بناء على هذه الرؤية فقد رفضت الجماعة –ما سمّته- السعي لإعادة إنتاج النظام حيث نه لن يجلب الاستقرار لسوريّة أو المنطقة كما لن يساهم في بناء الدولة الوطنية السوريّة التي تضمن لمواطنيها العدالة والحرية والكرامة الإنسانية وأن الثورة منتصرة وهي ماضية في طريقها حتى تحقق أهدافها  لسورية.
وقد أثارت بعض الجهات الإعلاميّة نبأ حضور ممثل عن الجماعة إلى المؤتمر، وهو ما نفته الجماعة، مؤكّدة أن حسان الهاشمي الذي كان رئيسًا للمكتب السياسي في الجماعة ليس له أي علاقة بقيادة الجماعة أو المكتب السياسي، وأنه لا يمثل الجماعة في المؤتمرات أو العلاقات الخارجية  حيث إنّ أيًّا من الحاضرين في المؤتمر لا يمثّلون إلا أنفسهم أو منظّمات أخرى لا علاقة للجماعة بها .
 1. 1. 2: الموقف من معركة "غصن الزيتون".
لم تتأخر الجماعة في إصدار موقفها من المعركة، فقد أصدرت في 24 من كانون الثاني 2018 بيانًا توضيحيًّا حول موقفها من المعركة ومستندات هذا الموقف.
أيّدت الجماعةُ التدخُّل التركي واشتراك الجيش الوطني معه في المعركة المعلَن عنها تحت إشراف الحكومة السوريّة المؤقّتة  واستندت في موقفها هذا انطلاقًا من حقّ الجمهورية التركية باتخاذ الخطوات اللازمة للدفاع عن أمنها القومي، إضافةً إلى مبدأ "وحدة التراب السوري، وضرورة مواجهة المشاريع الهادفة لتقسيم سوريّة" حيث إنّ تنظيمات (PYD, YPG) لا تخفي نزعتها نحو انفصال الشمال السوري، كما أنها مارست الإرهاب من خلال تهجير "الشعب"  من المكوّن العربي في مناطق سيطرتها، داعيةً الثوار للوقوف إلى جانب الجيش الوطني لمواجهة هذه الحركات الانفصالية، إضافة إلى دعوتها تجنيب المدنيين والأبرياء ويلات الحرب، وعدم التعرض لغير المحاربين، والامتناع عن أي شكل من أشكال الانتقام، والالتزام الكامل بأخلاقيات الإسلام وقيمه في الحرب، وبالقوانين الدولية ذات الصلة بالصراعات المسلحة 
لقد حرصت الجماعة على أن يكون موقفها هذا متوافقًا مع قيم المواطنة والمساواة التي تدعو إليها إضافة إلى التنويه بأنه لم يكن موقفًا عصبويًّا ضد المكوّن الكردي في تلك المناطق، حيث أكّد البيان على أن "الكردَ" جزء أصيل من نسيج الشعب السوري، وأن لهم كامل حقوق المواطنة، وأنهم لا يمتّون لهذه الميليشيات الإرهابية المشابهة في أفعالها لأفعال تنظيم داعش بأيّة صلة .
1. 1. 3: الموقف من اللجنة الدستوريّة.
لا ترفض الجاعة المسار السياسيّ بطبيعة الحال، كما هو موقف جماعات أخرى كحزب التحرير على سبيل المثال، وإنما ترى محدّدات يجب أن تتحقق في هذا المسار أبرزها إنشاء الهيئة الانتقاليّة التي تحقق أهداف الثورة، وعليه فإن الجماعة حين تشارك في المحطّات السياسيّة فإن ذلك يكون بناء على رؤيتها في تحقيق تطلعات الشعب الثائر على الظلم والاستبداد، وحين تمتنع عن المشاركة في مسارات أخرى فإن ذلك عائدٌ لرؤيتها بأنها مضرة بالثورة ولن تخدم مصلحة الشعب وحقوقه ؛ وعليه فقد أعلنت الجماعة عن موقفها الرافض لكتابة الدستور بمشاركة النظام في وقت مبكّر، مستندة في ذلك إلى أن الدستور السوريّ مِلكٌ للشعب السوريّ فقط وهو المخوّل بصياغته تحت سقف سوريٍّ وطنيٍّ عند البدء بعمليّة الانتقال السياسيّ .
في عمق التفصيلات حول المشاركة في اللجنة الدستورية المزمع إنشاؤها قبيل نهاية 2018 فإن الجماعة أشارت إلى انسحابها منها بالرغم من ترشيح بعض الأسماء المنتسبة للجماعة للمشاركة فيها، حيث أشارت إلى أن الظروف التي تشكلت فيها اللجنة الدستورية والأسس التي قامت عليها، إضافة إلى الحرص على فرضها دون باقي ملفات العملية السياسية أدى لاختزال الحل السياسي في حزمة من التعديلات الدستورية والانتخابات، مع تجاهل نقطة البدء الأساسية وهي مرحلة انتقالية بدون الأسد تؤسس لهيئة حكم انتقالي تعمل على الدستور والانتخابات وبقية الملفات، وبما أن الثورة السوريّة لم تقم من أجل تعديلات دستورية تمنح نظام الأسد فرصة الحياة، أو انتخابات من أجل الحصول على فتات مقعد في حكومة أو برلمان تحت مظلة النظام، فإنّ الجماعة أعلنت انسحابها من اللجنة الدستورية وسحب ممثلها فيها، واصفةً إياها بأنها لم تقم على أسس سياسية سليمة، وأنها وليدة انحراف سياسي في القرارات الأممية، على الرغم من قناعتها بضرورة العمل مع بقية الشركاء في الثورة والأصدقاء من أجل تحقيق أهداف وتطلعات الشعب السوري في جميع المسارات التي يمكن التحرك فيها .
1. 1. 4: انتخاب القيادة ومخاض التجديد.
تخضع الجماعة في الأشهر الماضية للدورة الانتخابيّة  التي تجريها كل أربع سنوات مرّةً، حيث يتغيّر فيها مجلس الشورى، إضافة لاختيار مراقب عام جديد أو إعادة انتخاب المراقب السابق حيث يحق للمراقب شغل المنصب لولايتين متتاليتين مدة كلٍّ منها أربع سنوات. 
يصدر عن هذه الانتخابات -عادة- تشكيلٌ جديد لرؤساء المكاتب التنفيذيّة مع منحهم صلاحيَّات إعادة هيكلة هذه المكاتب وتقديم المبادرات والمشروعات للعمل على تنفيذها والبحث عن التمويل الكافي لها. 
تنطلق الجماعة في انتخاباتها بداية من اختيار اللجان الأولية التي ترشح قوائمها لانتخابات أعضاء مجلس الشورى، وما إن يتم اختيار المجلس حتى تبدأ إجراءات انتخاب المراقب العام الذي يحدد -بعد فوزه بالمنصب- أسماء الأشخاص الذين سيشغلون إدارة المكاتب التنفيذيّة، مما يشي بأن مسيرة الوصول إلى المجلس والمراقب العام مبني على منطق التحالفات التي تعمل فيها القرابة وعلاقة النشأة والصداقة والتلمذة المشتركة والانتماء المناطقي عوامل في تعزيزها، إلا أنها في نهاية المطاف تحالفاتٌ قد تتعرض للانزياحات أو تبقى ثابتةً بحسب ما يستجد من عروض ومواقف وعلاقات وتوازنات داخل المجلس وخارجه. 
1. 2: "حزب التحرير"
ينشط حزب التحرير في مناطق متعددة من المناطق المحررة سابقًا إلا أن انحساره -كان وما زال- يرتبط بالرقعة التي تسيطر عليها الفصائل المسلّحة. 
لا يمتلكُ حزب التحرير فاعليَّةً ظاهرةً على الأرض بقدر ما تظهرِهُ الهالة الإعلاميّة التي يتلفّحُ بها، إذ لا يمتلك جمعيّات خيريّة أو منظّمات تنمويّة تنشُر رؤيته الفكرية على الأرض، كما أنه لا يستندُ إلى قوّةِ فصائل عسكريّة تدعمه مكتفيًا في حضوره على قوّة الفكرة التي يدعو إليها حيث جعلته هذه الإيديولوجيّة خصمًا مستهدَفًا من قبل مخالفيه عمومًا والفصائل التي يحتكُّ بها خصوصًا.
يحاكم "الحزب" الأحداث السياسيّة ضمن رؤيته "التراتبيّة" في "إقامة الخلافة"، ومن ثمَّ فإنّه لا يتركُ ثَمَّ مجالاً لتذكير الأمّة والسوريين بوجوب إقامة الخلافة إلّا استغلّه للتذكير بذلك والدعوة له، على الرغم من واقعيَّةِ كثيرٍ من التحليلات السياسيّة التي يتلوها أصحابه ومنظروه، إلا أنّ هذه التحليلات تغدو خياليّةً ومغلقة إلى حدٍّ بعيدٍ نظرًا لمثاليّتها المفرطة في الحُلم بتفتيت سياق التعامل في الواقع الدوليّ المحيطِ بالثورة السوريّة.
1. 2. 1: "الحلّ السياسيّ" بين واقعيّة الرؤية وجمود التصوّر.
أ. مفهوم الحل عند "حزب التحرير"
لعل أبرز ما قدّمه الحزب في 2018 من رؤى لحل المشكلات التي تحيط بالثورة السورية يتمحور حول الآتي: 
أوَّلاً: إقامة الخلافة: فهي الفرض الأوجب تحقيقه على المسلمين والسوريين قبل الثورات وبعدها ، ولا يكفي في هذا الصراع أن يكون "حبُّ الخلافة" في القلوب فحسب بل لا بدَّ من أن يسير السوريون على الطريق الذي سلكه النبيّ في إنشاء الدولة حيث استجاب أوَّلاً للأمر الذي جاءه من ربه عندما خاطبه ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ ممّا يُلزِم أبناء سوريّة بالإعلان عن مشروعهم في الحل وذلك بالإعلان عن إسقاط مشروع الغرب والصدع بمشروع الإسلام المتمثّل بـ "الخلافة الثانية" على منهاج النبوّة 
ثانيًا: الدعوة لإسقاط القيادات العسكريّة والسياسيّة التي تتصدّر المشهد الثوريّ، حيث إن هذه القيادات لم تُفلح في إيقاف النظام عسكريًّا أو سياسيًّا بل سلّمته المدن واحدةً تلو الأخرى، كدرعا والغوطة وحمص وداريّا إضافة إلى أنها منعت القيام بأي عملٍ عسكريٍّ يسهم في إسقاط النظام، متولِّيةً بذلك إملاءات الغرب والداعمين عليهم  واصفاً إياهم بقلّة الخبرة والتجربة في العمل السياسيّ وداعيًا إياهم بتسلميه قيادة الثورة سياسيًّا فيعيدَ لها "ألقها، فتعود لله من جديد، فتنقضّ على نظام أسد فتسقطه وتقيم حكم الإسلام على أنقاضه خلافة راشدة على منهاج النبوة" 
ثالثًا: منع اليأس من التسلُّل إلى القلوب والعمل على زرع الأمل في التغيير، وذلك باتباع النقطتين السابقتين  في سبيل النهوض من الواقع الذي يحيط بالثورة بحسب ما يرى الحزب من طريق لذلك.
ب. مقتضيات الحل عند "حزب التحرير"
لا يقبل "الحزب" بحلٍّ جزئيٍّ مطلقًا، وإنّما يدعو إلى حل "شاملٌ" أو رفض الحلول كلها بالضرورة، وليتحقّق الحلّ الشامل فإن الحزب يدعو أوّلاً إلى التمسُّك بأساس فكريٍّ يتمركز حول ثوابت "الثورة" بصلابة، وذلك بالتأكيد على "إسقاط النظام بكافة أركانه ورموزه وأشكاله" والتأكيد ثانيًا على "التحرُّر" الكامل من هيمنة دول الغرب وذلك بإقامة شرع الله، وتولية المسؤوليّة لرجال دولة يمتازون بالدراية والخبرة والقدرة على مواجهة أعداء الثورة ومجابهة مكرهم، ويستطيعون الاستفادة من الكفاءات التي تزخر بها الأمّة للقيام بأعباء عملية التغيير معًا ثالثًا .
1. 2. 2: الموقف من معركة "غصن الزيتون".
انطلقت معركة "غصن الزيتون" التي شنّتها الحكومة التركيّة على التنظيمات الانفصاليّة في عفرين في 20/ 01/ 2018، واستمرّت المعارك إلى حين استكمال السيطرة على مدينة عفرين وريفها بشكل كامل . 
أسرع الحزب ببيان موقفه من العمليّة فأصدر تحليلًا عنها في 24/ 1/ 2018 بيّن فيه أنّها الحكومة التركية "موالية" لأمريكا بشكل واضح، ولذا فإن أعمالها لن تتعدى تنفيذ مصالحها، مقابل دعم أردوغان بالبقاء في الحكم كما أوصلته إليه ، وأن تصريحات أمريكا في البداية بإنشاء قوة حدود قوامها 30 ألفاً إنما هي لتسويغ عملية عفرين فقط محذّرًا في الوقت ذاته من دعم هذه المعركة والمشاركة فيها لأنها ستترك "إدلب" فارغة يدخلها النظام، فالمشاريع التركية في سوريا هي لخدمة المشاريع الأمريكية  
1. 2. 3: الموقف من مخرجات قمّة "سوتشي" بين "تركيّا" و"روسيا".
رفض حزب التحرير المسارات السياسيّة التي مرّت بها الثورة جميعها منذ انطلاقتها وانتهاءً بالمخرجات الأخيرة التي تعمل عليها مسارات آستانة وجنيف وسوتشي. 
يلاحَظ أن مسوّغات رفضه النظريّة والعمليّة للرفض تكاد تنحصر بأن هذه الحلول المقدّمة لا تعدو أن تكون سلسلة من المؤامرات التي تهدف إلى إعادة سيطرة النظام على مجريات الأحداث، وتدجين المعارضة لتقبل بالدخول تحت وصايته من جديد  واصفةً المواقف الدوليّة التي تدعم بعض أطرافها المعارضة السوريّة وبعضها الآخر النظام السوريّ بالمجموعة التي تؤدي الدور المتكامل سياسة العصا والجزرة  حيث تكون هذه الدول -الولايات المتحدة خاصة- غير صادقة في ما تتظاهر به من دعمها للمعارضة، فتجر المعارضة إلى تنفيذ هذه الحلول بدعم من الحكومات التركية والسعودية لخداع الفصائل السورية وجرها إلى المصالحات والهدن والاتّفاقات المهينة مع النظام 
عُقِد في "سوتشي" لقاءان مهمّان أحدهما في مطلع عام 2018 صدرت عنه مقررات يدور محورها حول دعم مسار آستانة من حيث تشكيل لجنة دستوريّة بإشراف الأمم المتحدّة وإيقاف القتال والعمل على التوزيع العادل للإدارات المحلّية  إضافة إلى اللقاء الذي جمع الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" والروسي "فلاديمير بوتين" والذي تمخّض عنه اتفاقهما على إنشاء منطقة منزوعة من السلاح من الجانبين بعمق 10 إلى 20 كيلومترًا تخضع لدوريّات أمنيّة من جانب القوّات الروسيّة والتركيّة، بحيث تسحَب منها الأسلحة الثقيلة جميعها إضافة إلى انسحاب هيئة تحرير الشام والجهات المتشددة الأخرى منها 
يرتبط هذان اللقاءان وما اتُّفِقَ عليه فيهما بمسار آستانة الذي يرفضه الحزب مطلقًا، إلا أن التفصيلات المتفق عليها سمحت للحزب بإصدار العديد من البيانات والتصريحات لبيان مخاطرهما والدعوة لرفضهما، مركّزًا بذلك على حتميّة وقوع المعركة القادمة في إدلب  والدعوة لرفض فتح الطرقات الدوليّة المُتَّفق عليها في مسار آستانة  كنقطتين أساسيتيّن لتجييش الشارع ضد هذا الاتفاق. 
يشير الحزب إلى أن هذه الاتفاقات بمجملها لا تعدو أن تكون خطوة لتحقيق الحل السياسي بالمعيار "الأمريكي" الذي يريد إجهاض ثورة الشام ويُضيّع تضحيات أهلها وتجعل من إسقاط النظام خيالاً من الماضي، حيث سيقتصر على بعض التغييرات الدستورية التي تبقي "أهل الشام" تحت السيطرة "الأمريكية" وإن حجّمت صلاحيات الرئيس أو حيّدته عن الواجهة ، وإن ما ينبغي عمله على السوريين يرتبط أولاً برفض هذه الاتفاقات كلها وإدراك حقيقة الصراع وإلا فإنهم سيعانون الظلم والشقاء طالما بقيت هذه الأنظمة الوضعية في الحكم 
 أما القضيّة الثانيةُ فقد أشار الحزب إلى أنها باب من أبواب إعادة الشرعيّة الفعليّة للنظام، وتسهيل عودته للسيطرة الفعلية على الأرض ودعم اقتصاده بالطرق التجارية، إضافة إلى تقطيع المناطق المحرّرة إلى ثلاثة مناطق تسهل السيطرة عليها، كما أنها ستسهل الخروقات الأمنية المحتملة بشكل أكبر، وتمكين النظام من وصل المدن الرئيسية بعضها ببعض، مما سيجعل فكرة إسقاط نظام القتل والإجرام من الماضي؛ ويمهّد للحل السياسي الأمريكي .
1. 2. 4: الموقف من زيارة "البشير" لرئيس النظام السوري. 
سارع الحزب لإصدار بيان صحفي حول زيارة الرئيس السوداني عمر البشير للأسد بتاريخ 19/ 12/ 2018، أكّد فيها الحزب على إدانة هذه الزيارة التي ابتدأ بها البشير لكسر عُزلة نظام الأسد، إلا أنه يعزو في الوقت ذاته هذه الزيارة إلى تعليمات أمريكيّة لكسر عزلة النظام السوري باعتباره عميلاً أمريكيًّا مخضرمًا. 
أكَّد بيان الحزب على أن الوضع الذي تعيشه الأمة الإسلامية غير طبيعي، ومردُّ ذلك لعدم وجود دولة تحميهم وخليفة يدافع عنهم، بينما يوجد هؤلاء "الحكام الذين باعوا دينهم، وأسلموا بلادهم للكفّار المستعمرين" 
1. 2. 5: الحزب وسوريّة المستقبل: 
يمكن تخمين مستقبل حزب التحرير في سوريّة من خلال المعطيات التي يوفرها الواقع الميداني له، وذلك بالنظر إلى جانبين: مرونة الحزب الفكرية، وتزايد الحضور أفقيًّا وعموديًّا في النخب المختلفة العسكري منها والمدني. 
يجيبنا عن الشق الأوّل شموليّة رؤيةِ الحزب وصلابته التنظيميّة ومحاولاته المتكررة في قسرِ رؤاه على الواقع السوري بشتى الطرق المتاحة واستغلال واقع التراجعات التي تعاني منها "الثورة" وقواها لدفعهم لتأييده والإيمان بشعاراته، ممّا يوضِّح مدى سطحيّة الرؤية التي يعتمدها الحزب في التعامل مع الواقع السوري اليوم. 
يلاحَظ أن الحزب عمد إلى إثارة قضية "فتحِ الطرقات الدوليّة" -على سبيل المثال- مدخلاً لتجييش الشارع ضد الاتفاق، حيث شكّلت قضية "فتح الطرق" بين مناطق سيطرة النظام والحدود التركية حضورًا متكرّرًا في خطاب الحزب في الشمال مدعومةً ببعض الفعاليّات الميدانيّة كالمظاهرات والاعتصامات الرافضة للاتفاق، ومحاولة قطع الطرق الدولية في أحيانٍ متكررة، كما قاد عددًا من الزيارات لذوي الشهداء بغية تجييشهم ودفعهم لرفض ذلك الاتفاق ، فأطلق لذلك العديد من التحليلات الصحفية والمظاهرات ومقاطع الفيديو والمحاضرات والكلمات الملقاة في الندوات والتجمُّعات .
 نلحظُ ههنا أنّ إستراتيجيّته في التعامل مع القضايا تعمَدُ إلى تجزيئها وتفتيتها إلى عدد من القضايا الجزئيّة ثم التركيز على أبرزها وأقربها من وجدان العامّة وبيان مخاطرها في سبيل كسب أكبر عددٍ مؤيّد لتلك الرؤية وتجيير تلك الردود على أنها تمّت بتأثير الحزب وانتشاره الاجتماعيّ. 
ينطلق الحزب في تعامله مع مجريات الأحداث كلّها من قواعده الأيديولوجيّة ، وقد تعاملت قوى الثورة معه من منطلَق الحرية التي ينادي بها أفراد الشعب الثائر بناءً على أنّه يقدِّمُ رؤيةً ولا يفرضها، إلا أن واقع تعامل الحزب مع مجريات الثورة وجموده الواضح حول مقولات محدّدة مسبَقًا دفع بعض الثوار إلى وصف الحزب بـ "الخارج عن التاريخ" و"المُغرّد خارج سرب الثورة" ومطالبها.  
يضاف إلى ذلك أن الحزب وإن اهتمّ بتوسيع حضوره شعبيًّا ونخبويًّا إلا أنه لن يتمكن من زيادة التأثير أو يضمن الانتشار في الداخل، نظرًا للفرضيّة الثلاثيّة الجامدة في إقامة الخلافة التي يوجب على الناس ومنتسبيه الإيمان بها بدايةً قبيل أي خوض في قضايا الحقوق والاقتصاد وغير ذلك من المسائل المهمة، كما كان لتمادي أفراد الحزب في المواجهات الكلامية والصدامات مع نشطاء الثورة والفصائل المسلّحة آثارًا واضحةً في رفضه وملاحقة أعضائه واعتقالهم وربما المطالبة بحظره مستقبلاً في ظل المتغيرات الحالية مع عدم تقبّل أفراده للنقد ومراجعة أفكاره لتكون مقبولة لدى الشعب السوري. وينبّهنا إطلاق التصنيفات القاسية في حقه من قِبَل الشارع عليه إلى مدى احتمالِ استمراره في المستقبل في حال انتصرت الثورة أو خسرت حيث يترجَّحُ -لديّ- بصورةٍ أشبه باليقين أنه لن يتمدّد في القواعد الشعبية كونه "حزب حيطان"، أو "بخّاخات" أو "حزب الشعارات والبيانات والطابعات"، وعليه فإننا نقدّر بعد قراءتنا الموسَّعةِ لواقع الحزب وتاريخه ورؤاه عدم إمكانِ تمدّده مع الاعتراف بإمكانِ بقائه نظرًا لصلابته الهيكلية وسريته التنظيمية ونشاطاته الإعلامية ذات الخبرة المتراكمة والواضحة .
1. 3: المجلس الإسلاميّ السوريّ: 
1. 3. 1: مدخل وتمهيد 
في مؤتمر صحفي عُقد في إسطنبول في 14 من نيسان عام 2014 أعلن الشيخ" أسامة الرفاعي" عن تشكيل كيان جديد بمسمّى "المجلس الإسلامي السوري" يضمّ أغلب الهيئات الإسلاميّة من "أهل السنة والجماعة" في الداخل والخارج، كما يضم الهيئات الشرعيّة لأكبر الفصائل الإسلاميّة في سوريّة ، وقد هدف المجلس أن يكون "هيئة مرجعيّة شرعيّة وسطيّة سورية، تسعى إلى جمع كلمة العلماء والدعاة وممثلي الكيانات الشرعية، وتوجيه الشعب السوري، وإيجاد الحلول الشرعية لمشكلاته وقضاياه، والحفاظ على هويته ومسار ثورته" إضافة إلى سعيه في تفعيل دور المؤسسة الدينية في المجتمع السوري 
أوضح الشيخ الرفاعي الذي اُختير لرئاسة المجلس -وما زال-، أنّ المجلس ليس بديلًا عن أحد، بل هو داعم للجميع فضلاً عن أنّه ليس تشكيلاً سياسيًا منافساً لأحد، فليس له أي تنسيق مع الائتلاف، أو المجالس الأخرى وإنما جاء بقرار ذاتيٍّ من العلماء أنفسهم 
يضم مجلس الأمناء عددًا من الأسماء المشهورة كالشيخ أسامة الرفاعي رئيسًا، والشيخ محمد راتب النابلسي، ود. عبد الكريم بكار، ود. عماد الدين رشيد، والشيخ عبد الله السلقيني، والشيخ محمد أبو الخير شكري، ود. أحمد سعيد حوى وغيرهم 
1. 3. 2: الموقف من "بغي" هيئة تحرير الشام 
سلك المجلس سلوكًا متشدّدًا تجاه الاقتتال الذي قادته هيئة تحرير الشام ضدّ فصيل نور الدين الزنكي ثم جبهة تحرير سوريّة، حيث أصدر بياناً وصف الهيئة فيه بالبغاة ووصف المنتمين إليها بالجولانيين الذين لا يجدي معهم النصح والإصلاح، خاصة أنهم متدربون على الغدر وانتهاك الحرمات باسم الدين ، كما أكّد المجلس في بيانه هذا على حرمة الانتماء لهذه التنظيمات وحرمة البقاء معها وأوجب على من التحق بها أن ينشق عنها مناشدًا الفصائل التي تعبر عن روح الثورة السورية وأصالتها أن تقف في وجه هؤلاء وتردهم على أعقابهم . ليخلص المجلس في بيانه إلى اعتبار "الجولاني" ومن معه بغاة مارقين أو مرتزقة مأجورين، فيجب محاربتهم وكل من يقف معهم يجب قتالهم حتى يستسلموا ويحاكموا محاكمة عادلة، إضافة إلى ذلك فقد ناشد المجلس العناصر التي خدعت بشعارات الجولاني أن تنشق عنه فوراً وتلتحق بفصائل الجيش الحر، أو تلقي سلاحها وتعتزل "فمن ألقى سلاحه منهم فهو آمن" .
ولم يغب عن البيان دعوة المجلس لجميع الفصائل أن يكونوا صفاً واحداً في وجه "البغاة الغلاة" معلناً أنه لا عذر لأي فصيل متردد حيث إما أن يكون "في نصرة الغوطة وأهلها" وإما أن "يقف في وجه الجولانيين البغاة الذين أضروا بالغوطة وعطلوا معارك نصرتها من فصائل الشمال"  واصفًا الحياديين بالمعين على الغدر والبغي؛ إذ لا يقبَل بعد اليوم "حياد" حيث إن تأخُّر القضاء على "الجولانيين" في صالح النظام وأعداء الثورة عموماً 
 تعدُّ هذه اللهجة تجاه "تحرير الشام" من المجلس أمرًا جديدًا، حيث إنه كان يعلن عن موقفه من اعتداءاتها المتكررة دون الدعوة لقتالها على الرغم من وصفها بالغدر وانتهاك الحرمات  وعلى الرغم من إعلانه سابقًا وجوب قتال الفصائل المتشددة كـ "داعش" وجند الأقصى إلا أنه لم يعلن عن حرمة البقاء في "الهيئة" ووجوب قتالها إلا في بيانه هذا، مما يعدُّ تطوّرا في خطابه إلا أنه في ذاته مطابقٌ في الوقت ذاته للتوجّهات المعلنة فيه عن الوسطيّة التي يعتنقها في رؤاه الأيديولوجيّة، مما يجعل من مسألة قبول تصرفات التنظيمات المتشددة المبنيّة على تطرّفها أمرًا مرفوضًا لديه بالمطلق، إلا أنه كان يؤخر هذا الإعلان من "النصرة / الهيئة" إلى هذا الوقت بالتحديد، حيث تشتبك قواتها مع قوات الفصائل تزامناً مع تهجير الغوطة وقصفها بالكيماوي. 
1. 3. 3: المجلس ومؤتمر الحوار الوطني في "سوتشي" الموقف والخلفيّات: 
أعلن المجلس عن رفضه لمؤتمر الحوار الوطني الذي دعت "روسيا" لعقده في "سوتشي" عبر بيانين منفصلين، أكّد فيهما على أن روسيا ليست وسيطة بل دولة احتلال تدعم النظام "المجرم" لتثبيت بنيانه بشتى الوسائل، وتؤازره في مجلس الأمن بحق النقض، ومن ثمّ فإن دعوته لتشكيل لجنة دستوريّة من خلال هذا المؤتمر مع إغفال عمليّة الانتقال السياسيّ وتجاهل مطلب رحيل النظام ليست إلا محاولةً لفرض حلٍّ يقضي ببقاء النظام وإعادة تعويمه في الأوساط الدوليّة، وذلك كله بالتزامن مع قصف الروس لمناطق خفض التصعيد باستمرار في ظل الحصار وعدم إطلاق سراح المعتقلين، مما يدعو إلى رفض هذا المؤتمر وما يخرج عنه، خاصة وأنه يكرس تقسيم سوريّة إلى أعراق وقوميّات تحت مسمّى "الشعوب السوريّة"  وقد أكّد المجلس موقفه هذا لاحقًا برفضه "اللجنة الدستورية" وتوصيته السوريين بعدم المشاركة فيها، بناء على أن تصوير "الحلّ" بكتابة دستور جديد مع بقاء النظام نفسه تزييف لمطالب السوريين، إضافة إلى أن الاحتلال الروسي شريكٌ في القتل والتدمير مع النظام فكيف يمكن اعتباره ضامنًا وقد ساهم في تقوية النظام وإعادة الأرض لسيطرته، كما أن الحديث عن الدستور فقط التفاف على مقررات جنيف التي تقضي بإنشاء هيئة حكم انتقالي لا إنشاء لجنة دستوريّة فحسب 
1. 3. 4: الموقف من عملية غصن الزيتون:
لم يرفض المجلس معركة غصن الزيتون، وإنما أكّد في إحدى فتاواه على أن قتال ميليشيات "سورية الديمقراطيّة الانفصاليّة" من الجهاد في سبيل الله، حيث إنها وقفت في وجه الثوار مرارًا وأقامت تحالفات مشبوهة مع النظام والولايات المتحدة الأمريكيّة، وأعلنت عن أهدافها في تقسيم البلاد كما اعتدت على المكوّنات العربية والتركمانية بالتهجير والاعتقال إضافة إلى إسكات معارضيها من الكرد  إضافة إلى ذلك فقد أعلن المجلس في فتوى أخرى له عن حرمة "الاستيلاء على الممتلكات في
منطقة عملية غصن الزيتون" دون الإشارة إلى حرمة المشاركة في المعركة ، مما يشير إلى رضا المجلس بها.
1. 3. 5: الموقف من عملية التهجير في الغوطة الشرقيّة ودرعا:
أ. الغوطة الشرقية: 
أصدر المجلس في الثاني عشر من آذار عام 2018 بيان تأييد لخيار الصمود والمقاومة في الغوطة الشرقية ثمّن فيه قرار أهل الغوطة بالصمود والتمسك بأرضهم في وجه "محاولات التهجير التي يقدمها النظام هديّة لإيران التي تسعى لطمس معالم دمشق العربية" كما حثّ فيه المجالس المحلّيّة والمنظّمات الإغاثيّة بتوحيد الجهود لتخفيف معاناة الناس، إضافة إلى مناشدة الفصائل العسكرية على التضامن والتعاضد في وجه الهجمة الشرسة التي يتابعها العالم دون أن يحرّك ساكنًا . 
تلا ذلك إصدار المجلس بيان استغاثة بشأن المستجدات التي تحدث في الغوطة الشرقيّة، ناشد فيه "قادة العالمين العربي والإسلامي أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه أهلهم وإخوانهم في الغوطة" إضافة إلى استنكاره جرائم القتل والتجويع والتدمير والتهجير التي ترتكب بحق أهلها على يد النظام الروسي والإيراني، كما أكّد المجلس على تثمينه قرار الصمود وتعاون الناس فيما بينهم لتحقيق ذلك .
دفعت جريمة قصف دوما بالكيماوي والتي قلبت موازين التفاوض بين النظام وجيش الإسلام المجلس إلى إصدار بيان أدان فيه التواطؤ الدولي على التراخي مع النظام في ارتكابه جرائم الحرب المتنوعة والكيماوي خاصة كما فعل في خان شيخون في العام الماضي والغوطة في هذه الأيام، مؤكدًا أن ما فعله النظام منذ بداية الثورة إلى الان جريمة حرب، سواء ما فعله بالأسلحة التقليدية أو المحرّمة أو التغيير الديموغرافي والتهجير القسريّ، مطالبا السوريين والعالم بالوقوف في وجه هذه الجرائم ومدّ العون لمساعدة الأبرياء المحاصرين 
ب. درعا: طالب "المجلس" الأردن وتركيا بالتحرك العاجل لوقف المجازر التي يتعرض لها أهالي حوران إبان الحملة التي بدأتها روسيا والنظام والميليشيات الطائفية تجاهها، وكرّر مطالبه في بيان مصوّر الثلاثاء الثالث من تموز "إيقاف المجازر التي يتعرض لها الأهالي في حوران حيث إنها وصمة عار في جبين الإنسانية"، مع تأكيده على أن المجتمع الدولي متواطئ ومشترك في جريمة الإبادة المستمرة في سورية" كما ناشد المجلس الأردن ملكًا وحكومة وشعبًا للتدخل لحقن الدماء وتخفيف المعاناة ومد يد العون للنازحين من درعا على الحدود الأردنية، كما ناشد تركيا للتحرك سياسيًا وإنسانيًا لإيقاف الحرب والتهجير الذي يمارس ضد أهالي حوران، مطالبًا الدول والشعوب الإسلامية بتحمل مسؤوليتها تجاه درعا . 
1. 3. 6: المجلس ومبادرة تجديد الالتزام الثوري:
أطلق المجلس رؤيته لمبادئ الالتزام بالثورة إثر انتهاء عملية المصالحة في الجنوب وانتقال طيف واسع من مهجّري الغوطة إلى الشمال واستكمال النظام حشوده لمهاجمة إدلب وريفها حيث طلب المجلس من الفعاليات الثورية دعمها وتوحيد صفوفها انطلاقاً منها، في ظلّ "المنعطف الخطير" الذي تمرّ به الثورة السورية بسبب "العدوان الوحشي الروسي والإيراني السافر"، وتقوم رؤية المجلس في تجديد الالتزام الثوري باجتماع جهود السوريين على مشروع وطني يقوم على أساس المواطنة الكاملة والسيادة السورية وحفظ موارد البلاد والسلم الاجتماعي والعيش المشترك، إضافة إلى الحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً وصيانة استقلالها ووحدة شعبها ورفض التقسيم والمحاصصة الدولية، وإسقاط "بشار الأسد" وأركان نظامه سبيلاً وحيدًا لتحقيق الانتقال السياسي، كما أكد على ضرورة إحقاق العدالة ومحاسبة الجناة بحق السوريين وكفّ يد المجرمين كشرط لتحقيق الأمن والاستقرار، مع ضرورة إنصاف الضحايا وردّ المظالم إلى أهلها، مع محاربة الغلو والتشدد بكل أشكاله ومصادره، والتصدي للمرتكزات والحواضن الفكرية والسياسية والتنظيمية التي تغذيه كالتطرف والطائفية والفساد والاستبداد. إضافة إلى إطلاق سراح جميع المعتقلات والمعتقلين وبيان مصير المغيّبين، وضمان حق عودة اللاجئين والنازحين والمهجَّرين قسراً إلى بيوتهم وأرضهم وممتلكاتهم والعيش فيها دون قيدٍ أو شرطٍ، وإبطال قرارات مصادرة الممتلكات والتغيير الديمغرافي والتهجير القسري، وإلغاء جميع النتائج المترتبة عليها، وأشار البيان لإعادة تشكيل المؤسسات الأمنية والعسكرية على أسس وطنية حتى تنحصر مهامها في الدفاع عن الوطن والشعب وحماية أمن البلاد والعباد، والحفاظ على استقلال الدولة وسلامة أراضيها، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لصيانة الأرواح والأعراض والممتلكات، كما عدّ المجلس في بيانه أن الإسلام هو "تاريخ وثقافة وحضارة كل السوريين، وديانة غالبيتهم، وهو يشكل مَعيناً لقيمهم العليا ونتاجهم الفكري والثقافي، ولعلاقاتهم الاجتماعية وعيشهم المشترك، مع التفهم الكامل لتنوع المعتقدات والثقافات والعادات والتقاليد ضمن النسيج المجتمعي الكبير والواحد" مؤكداً أن "السوريين سواء في كافة الحقوق والواجبات أمام القانون"، كما رفض اختزال العملية الانتقالية في "إصلاح دستوري" تحت مظلة النظام بهدف إعادة تأهيله، مؤكداً أنها يجب أن تكون نتاج رؤية سورية محضة، إضافة إلى إخراج كافة الجيوش الأجنبية من سوريا وفي مقدمتها القوات الإيرانية والروسية، ورفض التدخل الخارجي في شؤون البلاد، وإلغاء سياسات التبعية والانحياز التي أسسها النظام السوري ورسخها .
تأتي هذه المقترحات استكمالاً لورقة المبادئ الخمسة التي أعلن المجلس عن التوصل إليها بالاشتراك مع معظم الجهات الفاعلة في الشأن السوري وشخصيات هامّة في مؤتمر صحفي بمدينة إسطنبول التركية نهاية عام 2015، حيث تضمنت "وثيقة المبادئ الخمسة للثورة السورية" إسقاط نظام الأسد، وتفكيك أجهزته الأمنية، بالإضافة لخروج كافة القوى الأجنبية من على الأرض السورية، والحفاظ على وحدة سوريا وهويتها، مع رفض المحاصصة بأنواعها كافة .
 
2) التنظيمات المحلّيّة المقاتلة:
2. 1: حركة "أحرار الشام" 
مرّت "حركة أحرار الشام الإسلامية" بعدّة محطّات منذ بداية تأسيسها إلى اللحظة الراهنة، وقد تغيّرت خطاباتها الفكرية مقارنة بما أصدرته في مشروعها الأوّل: "مشروع أمة" وما وصلت إليه من اندماج "تكتيكي" مع "الجبهة الوطنية للتحرير" والتقرّب من مبادئ الثورة بميثاقها "ثورة شعب".
تأسست "أحرار الشام" بدايةً قوّةً عسكريّةً تميل نحو الخطاب السلفي الجهادي في أدبياتها، وكان توسُّعها في الشمال السوري إلى لحظة اغتيال قادة الصف الأوّل فيها في أيلول عام 2014 تمثيلاً واضحًا عن الربيع الذي عاشته والقوّة التي استطاعت تحصيلها، إلا أنها ما لبثت إثر ذلك تتعرض بين الفينة والأخرى للتفكُّك والاقتتال مع الفصيل الأقوى تنظيميًّا وعقائديًّا في "الشمال" أي جبهة النصرة بمختلف مسمّياتها اللاحقة. 
برز في جسد الحركة لاحقاً ظهور لخط فكري إصلاحيّ منفتح على الحوار والحل السياسي، استطاع إقناع مجلس الشورى في الحركة باعتماد القانون العربي الموحّد باتخاذه مرجعًا لقضاة الحركة في محاكمها، إضافة لتبنّيه علم الثورة ومنطق الاندماج مع مكوّنات تؤمن بمبادئ الثورة مما دفع لظهور تجاذبات وصراعاتٍ في بيتها الداخلي.  
2. 1. 1: الاقتتال الداخليّ مع هيئة تحرير الشام والاندماج سبيلاً للتغلُّب عليه.
ارتبطت أحداث العام الحالي بالاقتتالات التي جرت بين الحركة وفصائل نور الدين زنكي وهيئة تحرير الشام، حيث شنّت الهيئة بدايةً حملات عديدة استهدفت الحركة واستطاعت إزاحتها عن عدة مواقع استراتيجيّة تسيطر عليها كمعبر باب الهوى مع الحدود التركيّة إضافة إلى عشرات المواقع الأخرى في إدلب وأريحا وسهل الغاب وريف حلب الغربي، تلا ذلك مهاجمتها القرى والبلدات التي يغلب فيها نفوذ فصائل الزنكي كريف حلب الغربي ومناطق دارة عزة وعنجارة وقبتان الجبل حيث هدفت لاستئصاله إلا أنها لم تستطع لأسباب تتعلق بالحاضنة الشعبيّة والطبيعة الوعرة في تلك المناطق إضافة للشراسة التي أبدتها قوات الزنكي في مواجهة تحرير الشام والوساطات التي بُذِلت لإيقاف الاقتتال بغية الاحتكام لمحاكم مستقلّة تبتُّ في القضايا العالقة بين الطرفين. 
أدركت قيادة الحركتين بأن هيئة تحرير الشام ستواصل الفتك بهما إلى أن تتمكن من تفكيكهما، مما دفع بهما لتشكيل تحالُف واسعٍ تحت مسمّى "جبهة تحرير سوريّا"  حيث حاز قائد الحركة "حسن صوفان" منصب القائد العام للجبهة، بينما كان منصب المساعد من نصيب الشيخ "توفيق شهاب الدين"  
جاء الإعلان عن الاندماج في وقت كانت تشهد فيه محافظة إدلب أحداثا ميدانية متسارعة أفضت إلى سيطرة النظام على مناطق واسعة من ريف إدلب الشرقي وما تلا ذلك من نشر نقاط مراقبة تركية لوقف إطلاق النار بموجب اتفاق خفض التصعيد بضمانة روسية وتركية وإيرانية ، إضافةً إلى استنفار هيئة تحرير الشام قوّاتها لمهاجمة "ألوية الزنكي" وما بذله شرعيّوها كـ "أبو اليقظان المصري" و"أبو الفتح الفرغلي"  من فتاوى تبيح قتاله بهدف تهيئة الرأي العام لتقبُّل ذلك بناء على أن "الزنكي" يتعاملُ مع "جيش الثوار" المنضوي تحت قيادة قوات سورية الديمقراطيّة، إضافة إلى قتل بعض عناصره لأبي أيمن المصري أحد شرعيّي الهيئة "المهاجرين"  
كان هذا الاندماج الشرارة التي دفعت "تحرير الشام" لاستعجال المواجهة التي استمرّت لمدة تجاوزت شهرين  تبادلت فيها ساحات السيطرة والصراع، كما دخلت فيها ألوية صقور الشام إلى جانب جبهة تحرير سورية بينما دخل الحزب الإسلاميّ التركستاني إلى جانب هيئة تحرير الشام ، تخللتها وساطات واتفاقات متعددة وهدنٌ انتهت جميعها بالعودة للاقتتال إلى أن اتفقت الأطراف في 24/ 4/ 2018، على "اتفاق يقضي بوقف الاقتتال بشكل دائمٍ وكامل اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق ونشره، وتثبيت الوضع في المحرر، وقف الاعتقالات بين الطرفين بشكل كامل وفتح الطرقات ورفع الحواجز وعودة المهجرين إلى منازلهم، وإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين وفق جدول زمني محدد وإيقاف نهائي للتحرش الإعلامي في الحسابات الرسمية والرديفة، وتشكيل لجنة من الطرفين ولجنة وساطة لمتابعة تنفيذ الاتفاق، والبدء بمشاورات موسعة مستمرة للوصول إلى حل شامل على الصعد التالية؛ العسكرية والسياسية والإدارية والقضائية" 
لقد شكل الاندماج ورقة قوة دفعت "الأحرار" للعودة إلى الواجهة وتثبيت "الزنكي" كطرفين منافسين لسطوة الهيئة إلا أن ذلك لا يعني تحقق الاندماج حقيقة إذ لا يعدو أن يكون تحالفًا هدف إلى إعادة التوازن مع "هيئة تحرير الشام" في الشمال السوري بعد هيمنتها شبه المطلقة منذ سيطرتها على أغلب مقرّات أحرار الشام في منتصف عام 2017، أي أنه ليس اندماجًا حقيقيًّا تذوب فيه الحركتان في بنية واحدةٍ وإنما هو تحالف مرحلي يهدف لتقوية فرص كسب المواجهة القريبة مع هيئة تحرير الشام. 
لقد أتاح هذا التحالف للحركة المشاركة في معارك غصن الزيتون تحت اسم "الجبهة" بحسب ما أفادت عدة مصادر إعلامية  كما أنّها لم تعلن عن موقف رسميٍّ يؤكد المشاركة بوصفها فصيلاً مستقلاً أو رفضها على حدٍّ سواء.  
وعلى الرغم من تماسك هذا التحالف وتوسُّعه بتشكيل جبهة تحرير سوريّة وكبرى الفصائل الأخرى للـ "الجبهة الوطنية للتحرير" في 28/ أيّار/ 2018  إلا أنه لم يستطع إيقاف هجمات هيئة تحرير الشام المتكررة تجاه مكوّناته، في سعي واضح منها لأن تكون صاحب الكلمة والقوة على الأرض وفي الأحداث المفصليّة القادمة كفتح الطرق وإدارة المناطق المحررة.
2. 1. 2: الموقف من اتفاق "سوتشي" حول إدلب 
أعلنت الجبهة الوطنيّة للتحرير  عن موقفها من اتفاق "سوتشي" بين الرئيسين "التركي" و"الروسي" 
وذلك في البيان الذي أصدرته حوله حيث أكّدت أنها على أتمّ الاستعداد للتعاون مع تركيا في إنجاز الاتفاق التي توصّلت إليه مع الطرف الروسي بغية تجنيب المدنيين ويلات الحرب على الرغم من تأكيدها على أنه لا يمكن الوثوق بالجانب الروسي "الذي ثبت للجميع عدم احترامه لأي تعهدات أو اتفاقات سابقة"، حيث نقض اتفاقات خفض التصعيد السابقة في مناطق أخرى وارتكابه لمجازر وجرائم حرب وتهجير قسري بدعاوى وذرائع واهية، ومن ثمَّ فإن السلاح الذي تمتلكه مكوّنات الجبهة لا يمكن التخلّي عنه، كما أنها ستبذل كل ما بوسعها لتحقيق أهداف الثورة وعلى رأسها إسقاط النظام .
وقد أكّد قائد الحركة الجديد "جابر علي باشا" على ذلك في بيان مصوّر له، حيث دعا الفصائل المنضوية تحت الجبهة الوطنية للتحرير وغيرها إلى الاستعداد لمعركة فاصلة مع النظام إذا ما أراد مهاجمة إدلب، مؤكّدًا على أن الفصائل وإدلب تملك من الأوراق ما تستطيع به "قلب الطاولة على النظام" حيث إنها ستجعل من "معركة الشمال جحيما على الروس ولن تكون كباقي المناطق"،
مع إشارته إلى أن مشروع روسيا لم يتغيّر مطلقًا، وهو إعادة تعويم النظام من خلال الحسم العسكري، وهو ما لن يتحقق -برأيه- إذ إن الثورة مستمرة "وسندافع عن أرضنا بكل ما أوتينا، فثورتنا لم تكن يومًا لتعديل دستور أو هيكلة حكومة تعيد إنتاج النظام من جديد، ولكن حرية وكرامة"
لقد كان القبول باتفاق "سوتشي" بين الروس والأتراك رضوخًا لأمر واقع يتهدد إدلب وما حولها من المناطق المحيطة بها، ومن ثمَّ فإن المواقف التي تلي هذا القبول إنما هي للموازنة بين الخضوع المطلق وردع النظام إضافة إلى توجيه الرسائل المطمئنة للداخل بأن الاتفاق لن يكون ساريًا في حال أراد النظام خرقه، بل إن الحركة وغيرها من الفصائل قادرين على تغيير مجريات الأحداث بما تملكه من نقاط قوّة وواقع استراتيجي يحيط بها. 
2. 1. 3: تغيير القيادة توجُّه نحو الاعتدال أم ممارسة براغماتيّة
تسلّم قيادة حركة أحرار الشام القاضي السابق في جيش الفتح وعضو مجلس شورى الحركة الشيخ جابر علي باشا، إثر رفض حسن صوفان اقتراح التجديد له سنة أخرى في القيادة، حيث أعلن بيان داخليٌّ للحركة بتاريخ 15/ 8/ 2018 عن تعيين جابر علي باشا قائدًا جديدًا لها، إضافة إلى قراراتٍ أخرى أهمُّها "تركيز جهود الحركة في المرحلة القادمة على الاستعداد العسكري والتصدّي للعدوان المحتمل على المناطق المحرّرة" إضافة إلى "تفعيل عمل الجبهة الوطنية للتحرير وإنجاح المؤتمر الوطني وصولًا إلى توحيد قوى الثورة وبناء مرجعية موحدة للثورة السوريّة" 
إنّ السؤال الذي ينبغي توجيهه الآن هو: ما الذي يمكنُ لانتخاب جابر علي باشا إحداثه في ظلّ الأحداث التي تحيط بالشمال عموماً والحركة خصوصًا
في تبيان الجواب لا بدّ من الإحاطة بأبرز المحطّات التي مرّت بالحركة خاصّة تلك الضربة العنيفة التي تلقّتها على يد منافستها "هيئة تحرير الشام" حيث كان تفكك أحرار الشام في منتصف 2017 وتراجعها السريع أمام هيئة تحرير الشام مثار تهكُّم وتعجُّبٍ لدى كثيرٍ من المتابعين، إذ كيف يمكن لتنظيم ما هزيمة أكبر الفصائل المسلّحة عددًا وعدّة -بعد تنظيم الدولة في العراق والشام- خلال أيّام قليلة!
يحتاج الأمر -بطبيعة الحال- إلى بحث استقصائيٍّ يوضح الأسباب التي أفضت إلى ذلك، إلا أن أبرز ما يمكن الإشارة إليه في هذا المعرض هو أنّ داخل حركة "أحرار الشام" أزمة بنيويّة كادت تعصف بوجودها منذ اغتيال قادتها في رام حمدان نهاية عام 2013 جعلت من حضورها أشبه ما يكون بحضور الظلّ المتحرّك، وثمّة تجلّيات كثيرة لهذه الأزمة، أبرزها ضعف القيادة وتفكُّك الحركة. 
في سرد سريع يمكن ملاحظة أن الانقسامات لم تحصل في عهد "المؤسس أبي عبد الله الحموي" وأن أبرز هذه الانقسامات حصلت في عهد هاشم الشيخ "أبو جابر" الذي تولّى قيادة الحركة عام 2014-2015، وفي عهد مهند المصري 2016، إلى عهد علي العمر 2017 فعهد حسن صوفان أبو البراء 2017- 2018 مما يعني أن الحركة فقدت القائد الذي يملك مركز القوّة والحزم والرؤية للسيطرة عليها. 
بدايةً تصدر "أبو جابر الشيخ" قيادة الحركة حيث يعرف عنه معارضته للكثير من المراجعات التي أطلقها مؤسس الحركة وشرعيها قبيل استشهادهم، وما إن انتهت ولايته الأولى حتى فشل في العودة إلى قيادتها مرة أخرى، كما أعلنت بعض الألوية المنتسبة للحركة تأسيس تكتُّل خاص بها باسم "جيش الشام" منتصف 2015 قبل أن يعودوا إليها إثر انتخاب مهند المصريّ خلفاً لأبي هاشم. 
عادت الانقسامات للظهور بين الفريق المؤيد للمراجعات والإصلاحات الجذرية تجاه العلاقات مع الفصائل والخطاب الجهادي بين الفريق المحسوب على قوى الثورة وبين قادة التيار الجهادي كأبي جابر الشيخ وأبو صالح الطحان حيث شكّلوا فصيلاً داخل الحركة باسم "جيش الأحرار" للضغط على الرفيق الثاني بإعادة انتخاب أبي جابر رئيساً للحركة وإلا الانشقاق عنها، وعلى الرغم من التوافق على المهندس علي العمر رئيسًا توافقيًّا للحركة فقد انفصل "جيش الأحرار" عنها في عام 2017 وانضمّ إلى "هيئة تحرير الشام" المشكّلة حديثًا حيث عُيِّن أبو جابر قائدًا عامًّا لها. 
 أما أزمة القيادة فقد ابتدأت في اللحظة التي اغتيل فيها قادة الصف الأوّل وتصدّر أبي هاشم للمشهد على الرغم من فقدانه للكاريزميّة المطلوبة التي اتصف بها المؤسس حسان عبود "أبو عبد الله الحموي" إضافة إلى عجزه في قيادته "للحركة" عن معالجة "الاختلافات" الفكريّة داخلها أو عدم الاهتمام بذلك مما أفضى بها إلى تعميق الخلاف وتوسيع الانقسام في داخلها.
يمكن توصيف الحالة التي أدت إلى فقدان الأحرار لفاعليتها بردها إلى ثلاثة أسباب متداخلة هي: 
الانتماء المناطقي، والعامل الاجتماعي إضافة إلى العامل الأيديولوجي، فقد أحجمت عشرات من كتائب الأحرار عن مواجهة هجمات هيئة تحرير الشام لأسباب تتعلق بعامل القرابة والانتماء لذات المنطقة في الدرجة الأولى حيث لا يخلو في كثير من مناطق إدلب انتماء عدة أفراد من أسرة واحدةٍ إلى الفصيلين مما شكل من هذا العامل سبباً ضاغطاً اجتماعيًّا ودينيًّا لعدم المواجهة، بينما شكل عامل الأيديولوجيا أداة ضغط على أغلب المنتمين للأحرار إذ لا يزال أغلبهم ينتمي للسلفيّة المعتدلة التي تحرّم قتال "الإخوة" و"الفصائل ذات المشروع الجهادي" الأمر الذي خفّف على هيئة تحرير الشام تكلفة المواجهة حيث يشكل المهاجرون والمتشددون عماد قواتها الطليعيّة في مواجهة الآخرين. كما أن الحركة عايشت منذ نشأتها أزمة تمايُزٍ عن الجيش الحرّ وقوى الثورة بوصفها لنفسها منذ تأسيسها بـ "الإسلامية" إضافة إلى "احتضانها" في كثير من الأحيان "إيديولوجيا" الخطاب السلفي الجهادي في سبيل السعي لتحقيق إمارة إسلاميّة" ودعمها لجهود جبهة النصرة في تفكيك بعض الفصائل المحسوبة على الجيش الحر بدعاوى فسادها أو تعاملها مع الغرب، إلا أنها كانت في نهاية المطاف رقمًا جديدًا يضاف إلى قائمة الأهداف المزاحة -على اقل تقدير- في طريق السيطرة المطلقة على الأراضي المحررة في شمال غرب سورية. 
استطاعت جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام الفتك بما تبقى من أحرار الشام إثر الانقسامات التي عايشتها، حيث إنها لم تستطع التعافي منها بسرعة، وعلى الرغم من بقاء تنظيم "الحركة" موجودًا إلا أن فاعليته خبت أو كادت، كما أن أهم مصدر تمويليٍّ يملكه بات بين يدي خصمه الذي سمح له بالتنفّس مجدّدًا ولكن برئة مثقوبة منهكة، وعليه فإن توليَة جابر إثر ابتعاد حسن صوفان عن رأس الهرم فيها يطرح السؤال حول مدى استطاعة "جابر" تحقيق شروط القيادة الكاريزميّة التي تمسك بقوَّة الحركة، ومدى قدرته على قيادة الحركة نحو الاعتدال وتبني مشروعٍ حقيقيٍّ يعبّر عن هويّة الثورة السوريّة.
يعرَفُ عن "جابر" ميوله القوي إلى المبادئ الثوريّة إضافة إلى اعتداله الفكريّ، حيث كانت له جهود واسعة في دفع الحركة لتبنّي مشروع "ثورة شعب" والقبول برفع علم الثورة راية للحركة حين كان نائبًا للمهندس علي عمر في قيادته للحركة إضافة إلى دوره في اعتماد القانون العربي الموحّد مرجعًا لقضاة الحركة في محاكمها، كما أنّه منفتح على الاندماج مع المكوّنات الثوريّة غير المحسوبة على التيّار الجهادي أو السلفيّ، إضافة لذلك يلاحَظُ أنه أوّل قائدٍ يعيَّن في الحركة يعرَفُ باسمه لا بكنيته كحال القادة السابقين عليه، مما يشكل علامة فارقة أولى في مسيرة الحركة، كما أنه القيادي الأوّل الذي يتسلم سنام الأمور فيها دون أن يكون من "خريجي" سجن صيدنايا. 
وعلى الرغم من أنّ قيادة الجبهة الوطنية للتحرير ما تزال بيد سلفه حسن صوفان إلا أن ذلك لا يعني سطوةً للجبهة على الحركة نظرًا لكونها تحالفاً فعليًّا أكثر منه هيكلاً اندماجيًّا حقيقيًّا، ولذا فإن مستقبل الحركة متّجه نحو الاعتدال في الخطاب على نحو واضح إضافة إلى انفتاحها على ضمّ مقاتلين لا ينتمون إلى التيّار السلفيّ وتوجّهها نحو عقد تحالفات أكبر مع قوى الثورة ومكوناتها، إلا أن اختباره في موقع القيادة يحتاج إلى التعرف على شخصيّته على نحو أعمق، إذ يشاع عنه تساهله الشديد ولين يده في التعاطي مع القضايا الشائكة مما يفقده لصفة الحزم التي تضيف من تأثير شخصية القائد وكاريزميته، إلا أن القرارات التي اتخذها مجلس الشورى يوم تعيينه تشي بحصول توجُّه حقيقيٍّ نحو العمل الأوسع في إطار الجبهة الوطنية التي قد تصبح في يوم ما نواة الجيش الوطني لحماية المناطق المحررة وضبط الأمن فيها. 
2. 2: جيش الإسلام "التهجير ورحلة المصير" 
2. 2. 1: مدخل وتمهيد
ظهرت النواة الأولى لجيش الإسلام في عام 2011 بإنشاء "سريّة الإسلام" بقيادة الشيخ "السلفي" زهران علّوش الخارج حديثًا من سجن صيدنايا، حيث اقتصر عملها على التصدّي لقوّات النظام في مداخل مدن الريف الدمشقي إضافة إلى اغتيال بعض الشخصيات الأمنيّة، إلا أن الحال ما لبث أن تطوّر إلى الهجم على مواقع عسكريّة متعددة، إضافة إلى تأسيس الشيخ زهران "لواء الإسلام" الذي امتلك عدّة آلاف من المقاتلين وعشرين مكتبًا إداريًّا، لتتوحّد لاحقًا عشرات الكتائب والمجموعات مع اللواء باسم "جيش الإسلام" في 29/ 9/ 2013 . 
انتشرت كتائب الجيش ومجموعاته المرتبطة به ماليًّا وتنظيميًّا في مختلف مناطق سوريّة مثل حلب وجبال الساحل ودرعا وإدلب وريف حمص وريف القنيطرة، إلا أنّ ثقل الجيش ظلّ مرتبطًا بمدينة دوما التي اتخذها نقطة الانطلاق ومركز النفوذ التي تجتمع فيه كتلته الصلبة ونواته المؤسسة. 
لم يتهاون الجيش في مواجهة تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" حيث كان من أوائل الفصائل التي اشتبكت معها في ريف دمشق ومناطق أخرى كحلب وريف إدلب، وبلغ به الحال تصويره الإعدامات التي نفّذها بحق عناصر التنظيم المعتقلين لديه بالطريقة الهوليوديّة التي يتبعها التنظيم ذاتها . 
عانت الغوطة الشرقيّة –كغيرها من المدن السوريّة- من حالات الانقسام والاقتتال الداخلي بين جيش الإسلام وغيره من المكوّنات الأخرى كأحرار الشام وفيلق الرحمن وجبهة النصرة ، في تعبير صريح ومستمرٍّ عن معضلة السيطرة والطموح للقيادة المطلقة في المنطقة، بحيث لا يكون فيها إلا وصيٌّ واحد يتحكم بالموارد والنفوذ والقرار، وقد استمرّت هذه المعارك بشكل متتالٍ إلى حين الهجمة الأخيرة مطلع عام 2018 التي استطاع النظام وحلفاؤه إخراج الفصائل في الغوطة إلى الشمال.
2. 2. 2: نقض "آستانة" ورحلة الخروج من الغوطة:
 رفض "الجيش" مؤتمر الحوار الوطني الذي دعت إليه روسيا في سوتشي  في حين كانت المعارك اليوميَّة مستمرّة في الغوطة الشرقية بالرغم من تصنيفها ضمن مناطق خفض التصعيد  وعلى الرغم من كثافة القصف التدميري واتباع سياسة الأرض المحروقة أصدر الجيش بيانا يحمّل روسيا فيه مسؤولية المذابح الدامية التي تقوم بها الميليشات الطائفية وجيش النظام مدعومًا بالطيران الروسي، مؤكدًا أن الجيش لن يخرج من الغوطة وثباته في الدفاع عنها .
استطاع النظام في غضون أقل من شهرين من بدء معركة الغوطة الشرقيّة 18/ 2- إلى 8/ 4 تقسيم الغوطة والسيطرة على معظم قطاعاتها بدون قتال في بعض الأحيان، حيث كان لاستخدامه مختلف صنوف الأسلحة أثرًا وحشيًّا تفوق قدرة الفصائل على مواجهته، كما عمَد الروس إلى التفاوض مع الفصائل -التي كانت متناحرة فيما بينها أغلب مدة الحصار المفرض عليها في الغوطة- بشكل منفصل، فكان اتفاق تهجير أحرار الشام سابقًا لاتفاق تهجير فصيل فيلق الرحمن ومنفصلاً عنه . 
ظلّ جيش الإسلام مستعصيًا في مدينة دوما التي يتمركز فيها، حيث لم يستطع النظام والميليشيات المساندة له اقتحامها، فازدادت وتيرة القصف والتدمير بهدف إخضاع المدينة، وعلى الرغم من التفاوض الذي كان يسعى إليه الجيش لرفض التهجير القسري والبقاء في "دوما" ضمن إحدى الصِيَغ المتاحة  إلا أن النظام وحلفاءه أصرُّوا على خروجه، وكان الهجوم الكيماويُّ على دوما العامل المرجّح للموافقة والبدء بعمليّات الإخلاء إلى الشمال على وجه السرعة  إلا أنّ خيارات التوجُّه لدى جيش الإسلام محدودةٌ للغاية، حيث تتمركز في إدلب "هيئة تحرير الشام" بثأرها الثقيل من اقتتال الجيش مع مجموعاتها في الغوطة، كما أن توجُّهه إلى المنطقة الجنوبية في درعا والقنيطرة لاقى رفضًا من قبل النظام والروس، مما يعني حصر خياراته في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" التي تنتشر فيها فصائل متعددة تعمل تحت الإشراف التركيّ المباشر، مما يعني انتقاله إلى الوصاية التركيَّة بشكل أو بآخر، حيث يشير وصول قيادة جيش الإسلام إلى المنطقة مع أكثر من عشرة آلاف شخص من عائلات المنتسبين إلى الجيش، مع نحو ألفي مقاتلٍ وأُسَرِهم فيه .
2. 2. 3: الجيش ورحلة التهجير، النشاط والمصير:
ما إن وصلت قوافل الجيش المهجّرة إلى حاجز " أبو الزندين" العسكري القريب من منطقة الباب حتى بدأ عناصر الحاجز بإيقاف القافلة ومنعها من الدخول تذرُّعًا بـ "دواعٍ أمنيّة" وعدم جاهزيّة المنطقة لاستقبال الأعداد الكبيرة من المهجّرين، كما عرضت على المهجّرين استقبال العوائل في المنطقة وتوجه المقاتلين إلى إدلب، وهو ما رفضه المهجّرون وفضّلوا العودة إلى دوما على دخول إدلب. لم تقنع هذه المسوّغات أهالي المنطقة وناشطيها مما دفعهم إلى الخروج في مظاهرات غاضبة تطالب العسكريين بالسماح للقوافل بالدخول، وهو ما تحقق بعد فرض شرط تسليم السلاح الفرديّ الذي يحمله مقاتلو الجيش 
أ. أنشطة الجيش:
في مرحلة لاحقةٍ بدأ قائد الجيش "عصام بويضاني" بالسعي لتقوية تماسك فصيله والحفاظ على هيكليّته وتنظيمه إثر إعلان المصالحة "النهائية" مع فيلق الرحمن بجهود من قبل الجيش الوطني وبتنسيق تركي  مما يعني أن الجيش قبل الانضواء تحت مظلة السياسة التركيّة في الشمال، ويدلل على ذلك السماح للجيش ببناء عدّة معسكرات له في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون، إضافة لزيارة البويضاني ورئيس مكتب الجيش السياسي أماكن مقاتليه في المخيمات الحديثة كمخيّم دير بلوط بريف حلب الشمالي والمناطق القريبة ، ولقائهما عشرات الشبان المُهجّرين الذين كانوا منضوين في فصائل أخرى ودعوتهم للالتحاق بصفوف الجيش في إطار إعادة هيكلته، حيث طمأنهم "البويضاني" بخصوص أوضاعهم المعيشية، وأن القيادة بصدد تأمين منازل لهم في مناطق متقاربة، وتعهّد بتقديم منح مالية لتأمين حاجياتهم المعيشية الأساسية .
عملت قيادة "جيش الإسلام" منذ وصولها إلى الشمال السوري على بناء تحالفات قوية مع الفصائل العسكرية، خاصة تلك التي لها موقف عدائيٌّ مع "هيئة تحرير الشام". كما قامت قيادة الجيش ببناء معسكرات تدريبيّة لعناصره الذين عادوا إلى صفوفه أو انضموا إليه حديثًا  تزامنًا مع شراء الجيش للأسلحة الثقيلة والذخائر والسيارات اللازمة إضافة إلى انضوائه تحت هيكلية الفيلق الثالث التابع للجيش الوطني في معركة غصن الزيتون والرباط في مناطق درع الفرات  ودعمه مشروع بناء مدينة خاصّة بأبناء الغوطة الشرقيّة المهجّرين إلى الشمال السوري .
ب. مآلات "جيش الإسلام": 
 تقدّر مصادر إعلاميّة متعددة عدد مقاتلي الجيش بحوالي 5000 يتجمعون في مدن جرابلس والباب وعفرين وإعزاز وريفها ، مما يجعل من الجيش رقمًا صعبًا في معادلة الشمال المعقّد، حيث لا يخفي الجيش معاداته الصريحة لنظام الأسد والميليشيات الانفصالية وتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية  إضافة إلى ذلك فإن الجيش يمتلك تنظيماً محكَمًا يجعل من تفكُّكه أمرًا أشبه بالاستحالة إلا في حال أعلنت الفصائل المستقرّة في الشمال ذوبانها الكامل في جيش وطني عسكريٍّ موحّد دون الإبقاء على هيكليّاتها السابقة. 
يمكن البحث عن مستقبل جيش الإسلام في الشمال ضمن منظورين: أيديولوجي، وديناميكيّ، أما المنظور الأيديولوجي فهو عادة ما يقاس بمدى تشدّد الفصيل الديني وموقفه من الثورة ومبادئها وأهدافها في تحقيق الديمقراطيّة والحريّة وانطلاقًا من هذا المنظور فإنّ جيش الإسلام في مرحلة مؤسسه الشيخ زهران لم يخفِ موقفه الرافض للديموقراطيّة التي رآها مؤسسه -في مرحلة طويلةٍ- كفرًا، كما أن الجيش لا يضحي لأجلها بل لهدفِ بناء دولة العدل الإسلاميّة، إلا أن الهزات التي تعرض لها الجيش والتوازنات التي ضغطت على الواقع الثوريّ برمّته وانتقاله إلى منطقة تحمل تيَّارًا فكريًّا معتدلاً يحارب التطرُّف أظهرت توجّهات جديدة عند الجيش كالقبول بالحل السياسي والانخراط في العمل العسكري تحت القيادة التركيّة في معركتي درع الفرات وغصن الزيتون إضافة إلى انخراطه في صفوف الجيش الوطني الذي يُعدُّ ليكون في مرحلة قادمة نواةً لجيش سوريّ موحّدٍ.
أما المنظور الديناميكي فيرتبط بشكل مباشر في قضية موارد التمويل والمشاركة في إدارة القرار العسكري لا التفرد فيه، حيث كانت عمليّات الاقتتال الداخلي في الغوطة أحد أهمّ الأسباب التي زادت من سطوة الحصار وشدته، إضافة إلى استغلال النظام لتلك الاقتتالات في سبيل قضم مزيد من الأراضي الخاضعة للمعارضة في الغوطة الشرقيّة آنذاك، وهو ما يخشى تكراره في الشمال بحال سيطرة نهج الفصائليّة المتناحرة على المشهد، ومن ثمَّ فإن مآلات جيش الإسلام مرتبطة بمآلات الفصائل عمومًا لا به خصوصًا، حيث إنه يمتلك مقوّمات الاستمرار، كما أنه عاد لبناء قوّته ومراكمة خبراته التي يحوزها، إضافة إلى فهمه طبيعة الواقع الجديد حيث يبتعد الجيش عن "الدعم السعودي" لينضمّ إلى ركب "الدعم التركي" الذي لا يجد في رؤى الجيش الفكرية مشكلة بقدر ما يرى في ارتباطه السابق الأمر الذي دفع الجيش للإعلان مراراً عن عمله تحت مظلة الجيش الوطني في طمأنة واضحة لمخاوف الدولة التركيّة، حيث سيكون من السهل على الطرفين تجاوز العقبات المعترضة لطريقهما بناء على المصالح المشتركة في ظل صراع مفتوح في سوريا تتنافس القوى المؤثرة فيه على كسب الحلفاء، كما أن لدى كل منهما ما يكفي من المرونة لتجاوز نقاط الخلاف والبناء على المشتركات. 
3) تنظيمات الجهاد "المعولَم" 
3. 1: تنظيم "حراس الدين" 
يعود إنشاء تنظيم "حراس الدين" إلى الخلافات التي شهدتها الساحة الجهادية المستندة إلى مرجعيّة القاعدة، بين أبي محمد الجولاني الذي أعلن فك الارتباط بالقاعدة وبين القيادات التي عارضت انفصاله عنها، مما أدى إلى اعتقالهم أو استقالة بعضهم. 
عمل تنظيم "القاعدة" إثر ذلك على مسار إعادة النصرة إلى بيت "القاعدة" وما إن تكلّل هذا المسعى بالفشل إثر تعزيز الجولاني للقطيعة "التنظيميّة" مع القاعدة بتأسيسه لـ"هيئة تحرير الشام" التي تكونت من جبهة فتح الشام إضافة إلى بعض الفصائل الأخرى، فظهر الخلاف جليًّا بين الجولاني والقاعدة في اتهام "الظواهري للجولاني بـ "نكث العهد"  حيث قام الأخير بحملة اعتقالات طالت بعض قيادات التيار المتشدد المنفصل عن تشكيلات "الجولاني" مما دفع التنظيم الأم إلى المباشرة بتأسيس تشكيل جديد لا يخفي ميوله الجهادية المرتبطة بأيديولوجيا القاعدة ورؤاها من الفصائل الرافضة لتحوّلات النصرة، حيث عبّر بيان صادر عن مؤسسة "السحاب" الإعلامية، عن قرب ظهور كيان جديد للقاعدة في سوريا تحت اسم "حراس الدين" .
3. 1. 1: الظهور والانتشار: 
أعلنت مؤسسة السحاب عن تأسيس تنظيم "حراس الدين" على منهج الشيخ "أسامة بن لادن تقبله الله، وحكيم الأمة الشيخ أيمن الظواهري حفظه الله وعلى منهج الشيخ أبي محمد المقدسي حفظه الله في التوحيد والولاء والبراء" 
عرّف التنظيم نفسه عبر حسابه "السابق" بأنه: تنظيم إسلاميّ من رحم الثورة السورية المباركة، يسعى لنصرة المظلومين وبسط العدل بين المسلمين، والإسلام هو مصدر التشريع" كما أعلن بيانه الأول في السابع والعشرين من شباط 2018، تحت عنوان: "أنقذوا فسطاط المسلمين" دعا فيه إلى "نصرة غوطة دمشق الشرقية"، وتوعد بـ"شن عمليات عسكرية ضد قوات النظام السوري"، كما دعا هيئة تحرير الشام وجبهة تحرير سوريا إلى "وقف الاقتتال فيما بينها"  
سارعت بعض التشكيلات المتشددة إضافة إلى المكوّنات المنفصلة عن "هيئة تحرير الشام" أو الرافضة لفكّ ارتباطها بالقاعدة إلى إعلان الانضمام إلى التنظيم الجديد، وقد كان أبرز المجموعات التي بايعت "حراس الدين" هي: "جيش الملاحم"، و"جيش البادية"، و"جند الشريعة"، و"جيش الساحل"، وأنصار التوحيد التي تعدُّ من بقايا "جند الأقصى"، وعدد من السرايا، مثل: "سرايا كابول"، و"سرايا الساحل"، و"سرية غرباء"  ويعدُّ القياديُّ المنشق عن هيئة تحرير الشام "سمير حجازي المكنّى بأبي همام الشامي" قائد التنظيم الجديد، إضافة إلى وجوه أخرى بارزة في مجلس الشورى الخاص بالتنظيم مثل الأردني "سامي العريدي" و"أبو جليبيب إياد الطوباسي" و"أبو خديجة الأردني بلال خريسات" و"أبو القسام خالد العاروري" و"أبو عبد الرحمن المكي" إضافة إلى أسماء أخرى في معظمها من "المهاجرين" 
تنتشر المجموعات التابعة للتنظيم في مناطق ريف اللاذقية وجسر الشغور إضافة إلى ريف إدلب الشرقي ومدينة سرمين وبعض المناطق البعيدة عن خطوط التماس مع مناطق "غصن الزيتون"، حيث يقيم معسكراته لتدريب عناصره كمعسكر "الشيخ أبي فراس السوري"، الذي كان أحد قيادات "جبهة النصرة" وقتل في غارة للتحالف الدولي عام 2017  . 
3. 1. 2: العمل العسكري والموقف من اتفاق "سوتشي": 
نشطت الأعمال العسكرية للتنظيم في مرحلة الحشد التي بدأتها قوات النظام قبيل إقرار اتفاق إدلب بين "روسيا وتركيا" وقد ازدادت عمليّات التنظيم في المرحلة التي تلت الاتفاق إثر رفضه الاتفاق برمّته، حيث وصف الاتفاق بأنه "مؤامرة كبرى" وشبّهه بما حصل في البوسنة، إذ قتل الصرب البوسنيين تحت أعين الأمم المتحدة بعد أن سلّمهم المسلمون السلاح . 
أعلن التنظيم إضافة إلى تشكيلات "أنصار التوحيد"، و"جبهة أنصار الدين"، و"جبهة أنصار الإسلام" رفض اتفاق سوتشي، واندماجها في غرفة عمليّات واحدة تحت مسمّى "وحرِّض المؤمنين" بغية القيام بأعمال هجومية ودفاعية على حدّ سواء، أي "أنها ستقوم بأعمال عسكرية على مناطق (نظام الأسد) وحلفائه بهدف تحريرها وإخراج القوات الروسية المحتلة من الأراضي السورية، وتحكيم شريعة الله" ومن ثمّ قامت هذه التشكيلات بالعديد من الهجمات على مواقع النظام في ريف اللاذقية وريف حماة وريف إدلب الشرقي والتخوم القريبة من المنطقة العازلة المتفق عليها في اتفاق "سوتشي" عبر القصف بالأسلحة الثقيلة كراجمات الصواريخ أو مدافع الهاون، أو عبر التسلل إلى ما خلف خطوط المنطقة العازلة والقيام بكمائن ليليّة لدوريات النظام والجنود الروس  
وقد منعت "هيئة تحرير الشام" إضافة إلى فصائل أخرى في المنطقة تنظيم "حراس الدين" من القيام بعمل عسكري ضد مواقع النظام السوري في ريف اللاذقية الشمالي، بهدف تجنيب المنطقة قصف قوات الأسد والالتزام باتفاق "سوتشي" بحسب بعض المصادر الإعلامية، مما دفع بعض شرعيي "حراس الدين" إلى وصف الهيئة بالحارسة لاتفاق سوتشي، لا المعترفة به فقط   
3. 1. 3: "حراس الدين" بحث في المآلات.
يعمل تنظيم "حراس الدين" على استقطاب المقاتلين عامّة والأجانب خاصّة في سعي واضح منه لسحب هذه الورقة من يد هيئة تحرير الشام إضافة إلى محاولاته تكثيف معسكراته التدريبيّة الخاصّة، كما أنّه يحظى بدعم التنظيم الدوليّ -أي القاعدة- في تمثيله منهج "الجهاد" وأيديولوجيا "السلفيّة الجهادية" أكثر مما يمثلها "الجولاني" مما يمنحه قدرة على المناورة وسبيلاً إضافيًّا لتلقي أموال "المتبرّعين". 
يمكن القول إن "حراس الدين" يبحث الآن في التخطيط لمرحلة "ملء الفراغ" أو "التمدُّد والاستقطاب" مع التمسُّك برفض الحلول والاتفاقات القادمة من خارج الحدود، مع التحسُّب المستمرّ من قضيّة هشاشة الأمن وكثرة الاغتيالات التي تضرب الفصائل العسكريّة بمختلف توجُّهاتها، والأخذ بعين الاعتبار قضية تصفية التنظيم من قبل الفصائل الأخرى كهيئة تحرير الشام والجبهة الوطنية للتحرير -وإن اختلفت الدوافع لذلك- خاصة أن أغلب قياديي هذا التنظيم من المهاجرين مما يشكل عاملاً مهمًّا في رفض وجوده مطلقًا.
وباعتبار ما تقدّم فإن التنظيم يعمدُ الآن إلى سلوك طريقين متوازيين: 
أولهما: "استمرار العمليات" ضد النظام، وثانيهما: العمل على قبول التنظيم "اجتماعيًّا" في المجتمعات المحلّيّة. 
يكثّف الطريق الأوّل الصورة التي يسعى التنظيم إلى ترسيخها، وهي تمثيله الحقّ لقضية حمل الجهاد والاستمرار به مما يؤهله لأن يكون الفرع الحقيقي لتنظيم القاعدة في سوريّة، كما يشير الطريق الثاني إلى البحث عن القبول لخيار "التطرُّف المعتدل" أي الحل الوسط بين طغيان "داعش" و"تسيُّب الفصائل الناكثة لعهد الجهاد" 
بالمقابل فثمّة قضايا عدّة تعترض التنظيم، حيث لا تزيد أعداد مقاتليه عن ألفي مقاتلٍ في أعلى التقديرات، إضافة إلى التباعُد المكاني بين خلاياه في المنتشرة في المناطق المحررة، عدا أن التنظيم يمتلك ذات السمات المتشددة التي امتلكتها تنظيمات أخرى كالدولة الإسلامية وجند الأقصى، فلا تلبث أن تظهر بين الفينة والأخرى على سلوك عناصره، كما حصل في حادثة التهديد بإغلاق جامعة إيبلا الخاصة في ريف إدلب، حيث ادّعت المجموعة التي هاجمت الجامعة بأنهم من تنظيم "حراس الدين" وأن الهيئة متهاونة في منع الاختلاط بين الطلاب من الجنسين مؤكدين أنهم لن يتهاونوا في ذلك أبدًا مما يعيد إلى الأذهان قضيّة التضييق في الخيارات الدينيّة والتشديد على الناس فيها على النحو الذي فعلته التنظيمات المتشددة السابقة. 
تكاد تنحصر السيناريوهات التي سيؤول إليها التنظيم في ضوء ما تقدّم بالآتي: "القضاء عليه عسكريّا" عبر تحالف من الهيئة والفصائل الأخرى، أو عبر أحدها دون الآخر، أو عبر قيام تركيا بشن هجوم عليه لتطبيق اتفاق "سوتشي" مدعومةً بقوات من الفصائل المسلحة، أو أن يعلن التنظيم حلّ نفسه وإتاحة الطريق لمنتسبيه في اختيار الفصيل الذي يريده، -وهو ما يستبعده البحث- أو أن تتغير قيادة التنظيم وهيكليته مما يتيح اندماجه مجدداً في الفصائل المعتدلة الأخرى، إذ إنه بالرغم من محاولة التنظيم التكيُّف مع الواقع الذي يحيط به إلا أن معارضة هيئة تحرير الشام لوجوده في إطار سعي "الجولاني" لامتلاك السيطرة المطلقة أو الشراكة الغالبة على المناطق المحررة ستقف عثرة يستحيل تجاوزها في واقع الأمر، كما أن احتمال إعادة انشقاق مكوّنات من التنظيم وانضمامها لهيئة تحرير الشام أو لفصائل أخرى أمر وارد، كما أن أبا همام الشامي ذاته قد يكرّر سيناريو الجولاني، فينقلب على الظواهري في حال أتاح له ذلك تحقيق الشهرة والسلطة ومن ثمّ فإن الشهور القادمة ستظهر الطريق الذي سيختاره التنظيم لنفسه والسبل التي سيسلكها لتحقيق ذلك الخيار.
3.  2: هيئة "تحرير الشام"
تشكّلت هيئة "تحرير الشام" باندماج عدّة فصائل في كانون الثاني من عام 2017، أبرزها "حركة نور الدين الزنكي" و"جبهة فتح الشام" التي فكّت ارتباطها بتنظيم "القاعدة"، و"جيش الأحرار" المنشق عن أحرار الشام الإسلاميّة، و"جبهة أنصار الدين" 
وقد حقّقت "جبهة فتح الشام" الفصيل الأقوى في "الهيئة" مكاسب عسكريّة وسياسيّة مهمة، حيث أصبحت القوّة الأولى ميدانيًّا على الأرض في الشمال إثر نجاحها في تفكيك عدّة فصائل عسكريّة قويّة كـ"جيش المجاهدين" و"حركة حزم"، إضافة إلى فرض نفسها في مسار الأحداث من خلال رفضها العلنيّ لمسار "آستانة" وتسهيلها في الوقت ذاته مرور أرتال القوات التركيّة لإقامة نقاط المراقبة المتّفق عليها في المسار ذاته، إضافة إلى إبرامها اتّفاق "المدن الأربع" مع إيران، بما في ذلك البنود المتعلّقة ببلدتي كفريا والفوعة الشيعيّتين في ريف إدلب. 
لم يتأثّر نفوذ "الهيئة" على الرغم من انسحاب ثلاث مكوّنات رئيسة منها هي "جبهة أنصار الدين" وألوية "نور الدين الزنكي" و"جيش الأحرار" بل ازداد ثقلها من خلال سيطرتها على الهيئة الإداريّة التي استحدثتها "حكومة الإنقاذ".
3. 2. 1: هيئة "تحرير الشام" والعلاقة بين الفصائل: 
خضعت محافظة إدلب لعدّة محاولات لوقف إطلاق النار أو خفض التصعيد والتوتّر، كان أبرزها ما اتُّفِق عليه في الخامس عشر من أيلول عام 2017 في اجتماع "آستانة" السادس بين روسيا وتركيا وإيران، وتمخّض عن "تقاسُمٍ للأدوار والنفوذ"، وقد أدّى عدم حسم التقاسم إلى اقتحام قوات النظام مناطق جنوب شرق محافظة إدلب المعروفة بشرق سكّة الحديد في الشهر الأول من 2018 مستعيدةً السيطرة عليها .
كانت جبهة النصرة التي تحوّلت إلى جبهة فتح الشام ثم إلى هيئة تحرير الشام في تلك الأثناء مستمرّةً في "إنهاء" الفصائل الثوية المحلّيَّة و"ابتلاع" مواردها التي تسيطر عليها إضافة إلى ازدياد تمدُّدها العسكري والإدراي والمدنيّ في مدينة إدلب وأريافها.
1. الاقتتال مع جبهة تحرير سوريّة: 
كان يوم 20 شباط من 2018 نقطة البدء لاستكمال هيئة تحرير الشام معاركها ضد مناوئيها، حيث دقّ إعلان اندماج حركتي "نور الدين الزنكي" و"أحرار الشام الإسلاميّة" في الثامن عشر من شباط  2018 ناقوس الخطر في وجه الهيئة لِما رأت في ذلك من نُذُرٍ بقرب إنهائها، خاصّة أن "الزنكي" و"أحرار الشام" كانوا قد تلقّوا حملات قويّة من الهيئة في عام 2017 إلا أن ذلك لم يكن كافيًا لإنهائهما بل دافعًا لزيادة النفور الشعبي منها مع بقاء قوات الزنكي في مواقعها دون غلبة واضحةٍ للهيئة عليها، كما أن الاندماج الجديد سيعيد التوازن إلى مكوّنات الفصائل في الشمال السوري في وجه الهيئة "افتراضيًّا"، وهو ما لا تريده "الهيئة" بطبيعة الحال.
انطلقت حملات الاقتتال بين الطرفين في 20 من شباط واستمرّت مدّةً تجاوزت الشهرين انضمّ فيها "الحزب التركستانيّ الإسلامي" الذي كان يعتزل القتال الداخليّ عادةً إلى جانب "الهيئة" بينما انضمّ فصيل "ألوية صقور الشام" إلى جانب "جبهة تحرير سوريا"، وقد تقدّمت عدة جهات بمبادرات مختلفة لإنهاء القتال بين الطرفين، وهو ما أذعنت له "جبهة تحرير سوريا" مرارًا إلا أن "الهيئة" كانت تسبق إلى نقض الاتّفاقات وإعادة الاقتتال بحسب ما أفادت الأخبار الميدانيّة حينها .
كلّف القتالُ الطرفين مئات القتلى حيث تجاوز عددهما خلال المعارك المتقطّعة على مدى 65 يوماً قرابة 1000 عنصر أكثر من ثلثيهما من صفوف "تحرير الشام" إضافة إلى مئات الجرحى، وكمّيّاتٍ كبيرةً من الذخائر والأسلحة، كما استخدم الطرفان مختلف أنواع الأسلحة في القتال -الثقيلة والخفيفة والمتوسّطة- وخسرا دبابات ومدرّعات وسيارات دفع رباعي ورشاشات ثقيلة خلال المعارك، فضلاً عن الخسائر البشريّة والمادّيّة الكبيرة في صفوف المدنيين بمناطق الاقتتال، إضافةً إلى توقّف الحياة اليومية التي يمارسها المدنيّون، نتيجة الاقتتال الحاصل والانتشار الكثيف للحواجز من قبل طرفي النزاع . 
كان أبرز ما  يميز الاتّفاق الأخير في إنهاء الاقتتال عن سابقاته من الاتفاقات الفاشلة حضورُ قائد "جبهة تحرير سوريا" حسن صوفان، وقائد "هيئة تحرير الشام" أبو محمد الجولاني لتوقيع الاتّفاق  بحضور الوسطاء من "فيلق الشام" و"جيش الأحرار" إضافة إلى التأكيد الجازم في نصّ الاتفاق على: "إنهاء الاقتتال بشكل دائمٍ وكامل اعتباراً من تاريخ توقيع الاتفاق ونشره، وتثبيت الوضع في المحرر، وقف الاعتقالات بين الطرفين بشكل كامل وفتح الطرقات ورفع الحواجز وعودة المهجرين إلى منازلهم، وإطلاق سراح المعتقلين من الطرفين وفق جدول زمني" إضافة إلى "إيقاف نهائي للتحرش الإعلامي في الحسابات الرسمية والرديفة، وتشكيل لجنة من الطرفين ولجنة وساطة لمتابعة تنفيذ الاتفاق، والبدء بمشاورات موسّعة ومستمرّة للوصول إلى حلٍّ شامل على الصُعُد العسكرية والسياسية والإدارية والقضائية" 
2. الاقتتال مع الجبهة الوطنيّة للتحرير: 
أعلن عن تشكيل الجبهة الوطنية للتحرير في 28/ 5/ 2018، باندماج عدة فصائل أهمها "فيلق الشام" و"جيش إدلب الحر" ثم ما لبث أن انضمت فصائل "جبهة تحرير سورية" و"صقور الشام" و"جيش الأحرار" و"تجمع دمشق" إلى الجبهة في 1/ 8/ 2018. 
جرت عدة حملات اقتتال بين "أحرار الشام ونور الدين الزنكي وصقور الشام" من مكونات الجبهة الوطنية وبين هيئة تحرير الشام في أوقات متفرقة، في ريف حلب الغربي وريف إدلب في عدة مناطق محاذية للطرق الدولية كمعرة النعمان وأورم الصغرى وتفتناز وكفر حمرة وقسطون وزيزون وغيرها من المناطق  إلا أن المعارك كانت تنتهي باتفاق صلح قضي بخروج المعتقلين ومتابعة المطلوبين وتعويض المتضرّرين من المدنيين والعسكريين 
لفت اقتتال جبهة تحرير سوريا وهيئة تحرير الشام الأنظار إلى مدى قوّة الهيئة وتماسك مكوناتها، حيث كانت نتائج الاقتتال تظهر جملة من التحوّلات الداخلية والخارجية في الهيئة وتبيّن أنها لا تختلف كثيراً عن بقية الفصائل العاملة في الشمال السوري من حيث القوة والقدرة على التواصل وإمكانات قراءة الواقع السياسي والعسكري وحتى استشرافه، من ذلك أن لا تمتلك سيطرة كاملة على كل قطاعاتها، وأنها أخطأت في التقدير مرات عدة ما أدى إلى حصول بعض التباعد أو التباين بين مكوناتها، كما أخطأت في قراءة المشهد السياسي والعسكري، حين اعتقدت أن بإمكانها تعديل تصنيفها الدولي من خلال إحداث تغييرات شكلية في خطابها وبنيتها، ومن خلال فرض الأمر الواقع على الأرض، لكن الواقع أظهر أن المجتمع الدولي لم يتعامل بجدّيّة مع هذه التغييرات، رغم أنه كان المستهدف الأول منها.
إضافة لذلك فقد أظهرت موجة الاغتيالات في الشمال السوري -التي أعقبت اتفاق وقف إطلاق النار بين تحرير سوريا وتحرير الشام- ضعف الجهاز الأمنيّ لدى جميع الفصائل بما فيهم هيئة تحرير الشام، والتي كانت تعتبر نفسها مميّزة عمّن سواها بقوّة جهازها الأمنيّ . 
3. 2. 2: الموقف من اتّفاق "سوتشي": 
رفض عدة قياديين وشرعيين في "الهيئة" التخلّي عن السلاح وكان من أهمّهم الشرعيّ أبو اليقظان المصريّ والشرعي المصريّ أبو الفتح الفرغلي المعروفان بتشدُّدهما تجاه المكوّنات الأخرى من فصائل الجيش الحرّ، إلى جانب القياديّ العراقيّ أبي ماريّة القحطاني، ورئيس المكتب السياسي السابق للهيئة المعروف باسم زيد العطار، حيث أشار "أبو الفتح الفرغلي" عبر حسابه على "تلغرام"، إلى أن "من يطلب تسليم سلاحه أياً كان فهو عدو لا مراء فيه، فالتفريط في هذا السلاح خيانة للدين ولإعلاء كلمة الله ولدماء الشهداء التي بذلت لتحصيله". وقال العطّار إن "أهم أوراق القوة في إدلب هي السلاح"، مضيفاً عبر "تلغرام" أن "سلاحنا هو عزّنا ورفعتنا وصمام أمان هذا الجهاد المبارك، بل هو الضامن الوحيد لتحقيق أهداف الثورة بنيل الحريّة والكرامة، فعدونا لا يعرف سوى لغة القوة" .
لم يصدر عن الهيئة موقفٌ رسميٌّ إلا في وقت متأخرٍ من مهلة بدء سريان الاتفاق، متعللةً بأن ذلك كان بهدف "التشاور والتواصل مع باقي المكوّنات الثورية في الشمال المحرّر"، ومن ثمّ أصدرت "الهيئةُ" مساء 14/ تشرين الأول 2018 بياناً رحّبت فيه بجهود "كل من يسعى في الداخل والخارج إلى حماية المنطقة المحررة"، مؤكدة في الوقت نفسه تمسكها بسلاحها وحماية "المهاجرين فهم منا ونحن منهم، لهم ما لنا وعليهم ما علينا "، وذلك قبيل ساعات من انتهاء الوقت المحدّد لخروج "التنظيمات الإرهابية" من المنطقة منزوعة السلاح وفق اتفاق "سوتشي" بين تركيا وروسيا.
أشارت الهيئة في بيانها إلى "تقدير جهود كل من يسعى في الداخل والخارج إلى حماية المنطقة المحرّرة ويمنع اجتياحها وارتكاب المجازر فيها" في تليين واضح من لهجتها، إلا أنها حذرت في الوقت ذاته من "مراوغة المحتل أو الثقة بنواياه ومحاولاته الحثيثة لإضعاف صف الثورة، وهضم مكتسباتها، وتحجيم دورها الحقيقي سياسياً وعسكرياً"، كما أكدّت في بيانها على تمسكها بسلاحها و"عدم التخلي عنه"، معتبرة إياه "صمّام أمان لثورة الشام، وشوكة تحمي أهل السنة وتدافع عن حقوقهم بكل ما تستطيع من وسائل مشروعة تتيحها السياسة الشرعية المتوازنة وضوابطها، دون إيقاع المدنيين في فخّ المؤامرات، من خلال جرّهم إلى أمان موهوم ودعاوى واهية، أثبت الواقع زيفها أكثر من مرة"، وأضاف البيان أن "الهيئة" لن تحيد "عن خيار الجهاد والقتال سبيلاً لتحقيق أهداف الثورة، وعلى رأسها إسقاط النظام المجرم، وفكّ قيد الأسرى، وتأمين عودة المهجرين إلى بلدهم آمنين سالمين"، ودعا البيان في ختامه "العالَم" إلى "تحمُّل المسؤولية الأخلاقية تجاه الشعب السوري"، كما دعا الأمة الإسلامية إلى "مساندة قضية الثورة السورية والدفاع عنها بكافة الوسائل والسبل" .
وعلى الرغم من أن الهيئة لم تصرح في بيانها عن الموافقة على بنود اتفاق سوتشي، إلا أنها لوّحت بالقبول غير المباشر من خلال تأكيدها على تقدير جهود كل من يسعى في الداخل والخارج إلى حماية المنطقة ويمنع اجتياحها عسكرياً وارتكاب المجازر فيها، والتحذير من مراوغة روسيا وعدم الثقة بنواياها. وقد كان من اللافت التحوّل الجديد في الخطاب الإعلاميّ الذي استخدمته الهيئة في البيان؛ كقولها "ندعو العالم إلى تحمل مسؤولياته"، وفي هذه العبارة تخلٍّ واضح عن شعار "لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى" الذي كانت تستخدمه الهيئة سابقاً. بالإضافة لاستخدام عبارة "النظام المجرم" في البيان، في حين كانت تتداول الهيئة في خطابها السابق "النظام النصيري". وعبارات أخرى من قبيل "المجاهدين الثوّار" التي تحمل طابع التماهي مع الخطاب الثوري الذي كانت الهيئة تنأى بنفسها عنه. وحملت بعض العبارات صيغة القبول بالخطاب السياسي الذي كانت ترفضه مقابل التمسك السابق بخطاب "السياسة الشرعيّة"، حيث استخدمت الهيئة عبارة "إرادة الحرية" في معرض الحديث عن مواجهة النظام وحلفائه الدوليين، وأن هذه الإرادة سوف تؤدي لهزيمة هؤلاء، ومثلها عبارة "مواقف مشرفة ووعي رائد في إدارة الصراع" .
كان بيان الهيئة مفاجئاً لمناهضيها من الفصائل المسلّحة والمنظّرين الجهاديين المنشقين عنها، خاصة تلك التي أنشأت تنظيمات جهادية منافسة لها في إدلب كتنظيم حراس الدين وأنصار التوحيد، كما أنّ أسلوب اللغة التي كُتب بها البيان أشبه بلغة "الجبهة الوطنية للتحرير" من لغة "الهيئة" ذاتها بل ربما بدا أكثر ليونة، وأقل تهديداً؛ إذ تحدث البيان عن الشعب السوري، والحرية، والمظاهرات، وغيرها من العبارات التي كان محض الحديث عنها سابقاً عند منظري "الهيئة" أقرب إلى الردة والكفر البواح، ويمكن الجزم –في نهاية المتابعات- بأن "الهيئة" قبلت بالاتفاق رسميًّا وإن لم تصرح بذلك بشكل مباشر، حيث إنها بدأت حملة اعتقالات واسعة خلال تشرين الأول 2018 طالت عناصر وقادة محليين وأجانب في صفوفها أعلنوا عن رفضهم تنفيذ الاتفاق التركي–الروسي حول إدلب، وقد ركزت حملة الاعتقالات بشكل كبير على أعضاء "الجماعة المصريّة" في "الهيئة" والمقرّبين من الشرعيّ المصريّ "أبو الفتح الفرغلي"، المعروف عنه معارضته لتطبيق الاتفاق، حيث اعتقل "المكتب الأمني" في "الهيئة" أبرز القادة المصريين المقربين من "الفرغليّ" خلال حملة دهم لمواقع في ريف المهندسين غربي حلب .
 ويرجّح البحث أن الهيئة اتبعت لغة حمّالة أوجه من خلال الحديث عن ضرورة استمرار الجهاد، وعدم التخلي عن السلاح، وذكر المهاجرين وفضلهم بهدف المراوغة أمام عناصرها أولاً ومؤيديها ثانيًا، وتنبيه المتابعين إلى أنها غيّرت من لهجتها في دليل على تغيير فكرها وتراخي تشددها.
3. 2. 3: حكومة الإنقاذ، قناع جديد أم فكر جديد. 
إثر سيطرة "هيئة تحرير الشام" العسكرية على مناطق واسعة من محافظة إدلب عقب معركتها الأخيرة ضد "أحرار الشام" في عام 2017 سعت الهيئة إلى بسط هيمنتها على الإدارة المحلية، فأعلنت في بيان لها عن دعوتها إلى تشكيل إدارة مدنية موحّدة للمناطق المحررة، وقد لاقى البيان تأييداً من قبل "حركة نور الدين الزنكي" حينها، إضافة إلى عدد من مجالس الشورى في محافظتي إدلب وحماة  لم تتوقف مساعي "الهيئة" عند إصدار البيان، فسعت لاستقطاب مؤيدين لها ودمجهم في هيئة عامّة تأسيسيّة تتولى إشهار الإدارة المدنية، كما عقدت "الهيئة" اجتماعاً مع "الحكومة المؤقتة" لإقناعها بالانضمام للمبادرة، إضافةً لمحاولتها التواصل مع عدد من الشخصيات المعارضة لها لإقناعهم بالعدول عن رأيهم الهجومي تجاه "الهيئة" والانضمام للمشروع، وهو ما لاقى رفضاً صريحاً من معظمهم . 
تطوّرت المبادرة إلى تأسيس المؤتمر التأسيسي العام في الداخل السوري وانبثاق حكومة الإنقاذ السورية عنه حيث أبرزت نفسها باعتبارها أوّل حكومة مشكلة في الداخل، معلنةً عدم اعترافها بالائتلاف أو الحكومة السورية المؤقتة التي تشكلت في الخارج ولها بعض المكاتب في الداخل ورفضت الاندماج مع حكومة الإنقاذ مما دعا الأخيرة إلى إغلاق مكاتبها في محافظة إدلب وحماة خلال مدة أقصاها 72 ساعة أو دمجها مع الحكومة الجديدة. 
قامت قوة من هيئة تحرير الشام -الجهة المسيطرة الفعلية في إدلب التي ترفض الاعتراف بالحكومة المؤقتة- باقتحام وإغلاق مكاتب وزارتي الصحة والتربية التابعتين للحكومة المؤقتة في إدلب ومركز مؤسسة الحبوب وإكثار البذار في مدينة سراقب يوم 19/12/2017. كما قامت حكومة الإنقاذ بحلّ المجالس المحلية كافة وإيقاف عملها بالقوة، وحاولت الاستيلاء على إدارة "جامعة حلب الحرة" وضمها إلى مجلسها التعليمي، وقد أدّت هذه السياسات من حكومة الإنقاذ (أو هيئة تحرير الشام عملياً) إلى إنهاء دور الحكومة المؤقتة في منطقة إدلب الكبرى . 
وقد كان أبرز ما قامت به الهيئة التأسيسة أو حكومة الإنقاذ في 12/ تشرين الثاني/ 2018 هو  قرار استبدال علم "الثورة" بعلم آخر يشبه علم الثورة استبدلت فيه النجوم بعبارة لا إله إلا الله محمد رسول الله باللون الأحمر، خلال مؤتمر عقدته "الهيئة التأسيسية" لإعادة هيكلتها أعلنت فيه عن اختيار حكومة جديدة خلفت الحكومة السابقة، وأوضحت "أن هذا القرار نافذ ضمن المناطق المحررة ويبلغ من يلزم تنفيذه من وزارات ودوائر حكومية ومجالس محلية وبلديات" ، وسبق أن أقدمت كتائب تابعة لهيئة تحرير الشام على إنزال علم الثورة السورية بعد رفعها بالمدن الخارجة عن سيطرة قوات النظام، مما تسبب بمواجهات بين الناشطين  وعناصر هذه الكتائب.
إن تغيير حكومة الإنقاذ -المرتبطة بهيئة تحرير الشام- علم المناطق التي تخضع لإدارتها إلى علم شبيه بعلم الثورة يجب أن يقرأ على نحو إيجابي، حيث إنّ الهيئة ذاتها غيّرت راياتها عدّة مرات، حيث كان التغيير الأول في عام 2016، وذلك بانتقالها من الراية السوداء إلى البيضاء بالتزامن مع إعلانها فك الارتباط عن تنظيم القاعدة وتغيير اسمها من جبهة النصرة إلى جبهة فتح الشام، وقد كان التغيير الثاني في العام 2017؛ حيث انتقلت من الراية البيضاء إلى الراية الخضراء بالتزامن مع تغيير اسمها إلى هيئة تحرير الشام، إلا أن التغيير الأخير للراية جاء عبر  الهيئة التأسيسية لحكومة الإنقاذ لا عن الهيئة  ذاتها، وهذا الاختلاف في التعاطي ربّما يعكس احتمال وجود خطوات لاحقة قد تقدم عليها هيئة تحرير الشام تختلف عن آلية التعامل السابقة، كأن يحصل تحوّل جوهري يشمل تكامل الكيان العسكري مع حكومة الإنقاذ لكن بعد استبعاد التيّار الرافض للمراجعات الجديدة واتخاذ خطوات وقائيّة بحقهم . 
3. 2. 4: هيئة تحرير الشام ومآلات المستقبل: 
يقدّر الحصاد قيام "الهيئة" بعملية تحوُّل واضحة في الخطاب الفكري والعمل العسكريّ، حيث إن الأمور تكاد تتفلّت في منطقة إدلب، ممّا يحتم على الفصائل الموجودة هناك الانضواء تحت مظلّة واحدة تجعلها ثقلاً معتبَرًا يواجه تهديدات المرحلة، ويشير بقاء هيئة تحرير الشام –في حال اختارت ذلك- على ذات التصنيف والتوجّه إلى نيتها في الاستمرار بنهجها الجهادي السلفي، إلا أنه لا شيء يشير إلى ذلك، فعلى الرغم من الاقتتالات التي استدعت فيها الهيئة فتاوى الردة والاستئصال إلا أن ذلك يُقرأ في إطار التجييش ودفع المقاتل للانغماس الطوعي في مقاتلة الطرف المقابل الذي تستهدفه الهيئة، كما أن هذه الاقتتالات في حقيقتها لا تعدو أن تكون اقتتالات مناطق نفوذ وبسط للقوة، وإن اكتست في بعض الأحيان لَبوسَ الدفاع عن الثورة أو الدين، يضاف إلى ذلك أن هيئة تحرير الشام قدّمت من التعامل البراغماتي ما لم تقدّمه غيرها من حركات الجهاد السلفي "المعولَم" سواء من حيث "القبول بتطبيق اتفاق سوتشي" الأخير أو من حيث الانفصال "الفعليّ" عن تنظيم القاعدة العالمي –في توجُّه فعليٍّ للتحوّل إلى فصيل جهاديٍّ محلّيٍّ معتدل- أو من حيث محاربة تنظيم الدولة بشنّ الحملات الأمنية المستمرّة على خلاياه المتخفّيَة في مناطق إدلب، إضافة لاعتقالها معارضي اتفاق سوتشي الداخليين الذين رفضوا موقفها من اتفاق سوتشي ، ومنعها تنظيم حراس الدين عدة مرات من اختراق المنطقة العازلة للقيام بعمليات ضد النقاط الروسية إلا في حال الرد على قصف سابق، وذلك لإيصال رسائل منها إلى أن الهيئة فصيل "ذا ثقل واضح" يبحث عن الشراكة في إدارة الأمور على نحو يضمن له السلطة والسيطرة وقبول الناس له في آن واحد، وذلك من خلال تكوين تصوّر لدى الفاعلين الدوليين والمحليين بشغلها دوراً وظيفياً لضبط ملف بقية التنظيمات الجهادية الصغيرة الرافضة للمسار السياسي في الشمال السوري مثل حراس الدين وجبهة أنصار الدين وخلايا تنظيم داعش على سبيل المثال، ويزيد من هذا الاعتقاد أن "هيئة تحرير الشام" كانت قد خسرت الغالبية العظمى من "المهاجرين" والجزء الأكبر من غطاء التيار السلفي الجهادي لها في الآونة الأخيرة  حيث انشقّت عنها تشكيلات عدّة وانضمّت إلى التنظيمات المشكلة حديثًا كحراس الدين الممثل الرسمي لتنظيم القاعدة في سورية. كما أن "الهيئة" بحاجة ماسة لتمويل نفسها بعد توقف الواردات الكبيرة التي تحصّلت عليها "الهيئة" من "اتفاق المدن الأربع"، وذلك من خلال بسط سيطرتها على المعابر التجارية، والإمساك بتجارة الحبوب والمحروقات في إدلب وحماة، وعليه فإن الاقتتال مع الفصائل المتمركزة على جوانب الطرق الدولية -التي يفترض فتحها في بداية العام القادم- لا يخرج في فهمه عن هذه الدائرة، أي البحث عن التمويل والقدر على التأثير في الأحداث.
يزيد من التدليل على ذلك أن الهيئة ذاتها غيّرت من خطابها السلفي إلى خطاب براغماتي –إن صح التعبير- وهو ما يوضّحه –على سبيل المثال- ما أشار إليه بيانها عن "الجهاد والسياسة الشرعية بين الثوابت والمتغيرات" المنشور في حزيران 2018؛ إذ تحدثّت فيه عن طبيعة علاقاتها ببعض الدول، في إشارة "مبطّنة" إلى تركيا، وحدّدت الإطار العام للعلاقة فيما بينها ضمن "المقدار الذي تجلبه من مصالح معتبَرة تعود على الثورة السورية والجهاد في الشام بالنفع"، حيث إن الإعلان هذه النقطة –أي إطار المصالح المعتبَرة- أمرٌ فارقٌ في تاريخ الهيئة، وتطورٌ لافتٌ لم يسبق أن استخدمته في السنوات السابقة من تشكيل كيانها الأول "جبهة النصرة" أو الثاني "جبهة فتح الشام" وفي الواقع "فإنّ مجمل المراجعات التي أقدم عليها التنظيم السلفي الجهادي منذ عام 2016 وحتى نهاية العام 2018، والتي شملت تحوّلات في الخطاب الإعلامي والبنية الداخلية والتموضع السياسي، تنطلق من رغبة متزايدة في الاستجابة مع سياسات القوى الفاعلة الدولية والإقليمية والمحلية، حيث يسعى التنظيم من خلال هذا السلوك إلى الحفاظ على بقائه، وإن عملية الاستجابة التي اتبعها التنظيم الجهادي السلفي غالباً ما ترتبط بمرحلة مؤقتة حيث يصعب الاستمرار في تلبية مصالح جميع القوى الفاعلة لأن من شأن ذلك أن يؤدي في النهاية إلى الاصطدام الحاد فيما بينها. وبناءً على ما سبق يُمكن الاعتقاد أن الفترة التي مرّ بها التنظيم السلفي الجهادي "القاعدي" بين عامي 2016 و2018 هي "مرحلة انتقالية" وأن التغييرات الجديدة التي سوف يقدم عليها ربّما تذهب به إلى "مرحلة استقرار" من حيث الهوية والسلوك السياسي، وبالتالي لا بدّ من الانتقال من السلفية الجهادية "المحلية – المعولمة" إلى السلفية الجهادية "المحلية" . 
3. 3: تنظيم "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام" 
امتدّ تأسيس "الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام" عبر خطٍّ تصاعديٍّ تراكمت فيه الأحداث تدريجًا حيث يمثّل إعلانُ أبي مصعب الزرقاوي تأسيس جماعة "التوحيد والجهاد في بلاد الرافدين" نقطة البداية الفعليّة لنشوء "الدولة الإسلاميّة في العراق والشام"، تلا ذلك مبايعته "أُسامة بن لادن" وإعلانه عن قيام "تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين"، الذي ما لبث أن تحوَّل إلى تنظيم "دولة العراق الإسلامية" التي واجهتها العشائر العراقية في مرحلة 2008- 2009 إلى انتهت إلى بضع خلايا نائمة تنتشر في امتداد صحراء الأنبار.  
عاد التنظيم مرة أخرى إلى الواجهة بعد الثورة السورية حيث غيّر اسمه إلى "الدولة الإسلامية في الشام والعراق" بقيادة أميره "أبي بكرٍ البغدادي" الذي نصَّب نفسه خليفةً للمسلمين، مطالباً المسلمين والفصائل في سورية ببيعته والهجرة إلى أرض حكمه، لتبتدئ إثر ذلك مرحلة توسُّعه واقتتاله مع مختلف التنظيمات الأخرى كالقاعدة وأحرار الشام وفصائل الجيش الحر.  
استطاع تنظيم "داعش" بسط سيطرته على مناطق شاسعة من العراق وسوريا في مساحة توازي مساحة بريطانيا، ويسكنها نحو ثمانية ملايين نسمة، تمتلك من الموارد النفطية والبشرية ما يخولها بتهديد تماسك دول الجوار، الأمر الذي تداعى بسببه عدد من الدول الإقليمية والعالمية للتحالف فيما بينها بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة تنظيم الدولة الذي يشن هجماته على المناطق الكردية في "عين العرب" حينها. 
استمرت ضربات التحالف الدولي على التنظيم بمؤازرة ميدانية من قوات سورية الديمقراطية وعلى الرغم من تكبُّد تنظيم الدولة خسائر كبيرة رغم الكلفة المادية والبشرية الهائلة، فإن القوات المهاجمة لم تتمكن في أغلب المعارك -رغم تفوقها الكبير - من تحرير المدن التي يسيطر عليها التنظيم إلا بعد تدميرها بصورة شبه كاملة، الأمر الذي استطاعت بواسطته -في نهاية المطاف- إخراجه من أهم معاقله في سورية والعراق وحصره في جيوب جغرافية صغيرة في ريف دير الزور. 
وعلى الرغم من تفكك "دولة الخلافة"، إلا أن التنظيم نفسه لم ينتهِ بعدُ، مما يطرح سؤال "المصير" الذي سيختار التنظيم التوجه إليه وأساليبه في ذلك التوجه أو "التحوّل".
3. 3. 1: معارك جيوب التنظيم في 2018
أ. معارك دير الزور 
أطلقت قوات سوريا الديمقراطية في الشهر الخامس من 2018 سلسلة معارك للسيطرة على مواقع التنظيم الأخيرة في محافظة دير الزور، وهي الباغوز وهجين وسوسة، واستمرت هذه المعارك بين كرٍّ وفر قرابة سبعة أشهر استغل فيها التنظيم  قوته الدفاعية وخبرته الطويلة في العمليات العسكرية حيث كانت استراتيجية التنظيم كفيلة بإنهاك القوات المهاجمة بشكل واضح ودفعها لمراجعة خططها العسكرية بشكل كامل مرات متعددة، فكبّدها في إحدى هجماتها نحو 300 عنصر من عناصرها، ممّا جعل معركة ريف دير الزور الأخيرة ذات أهمية كبيرة جعلته يستعيد السيطرة عدة مرات على الأماكن التي كان ينسحب منها مستغلًّا لذلك الأحوال الجوية والعواصف الرمليّة، إلى أن استطاعت قوات سوريا الديمقراطية من السيطرة النهائية على آخر معاقله في هجين في 14 / 12/ 2018  
ب. معارك ريف السويداء
قام النظام السوري بنقل حوالي 1000 عنصر من تنظيم داعش إلى ريف المحافظة الشمالي الشرقي قادمين من مخيم اليرموك جنوب العاصمة ولم يقم بنقلهم نحو بادية تدمر كما كان متوقّعًا، وما إن استقرّ التنظيم في المنطقة حتى بدأ في التوسيع من نطاق سيطرته في بادية السويداء، فشنّ هجمات دامية بمحيط المناطق التي يتحصن بها في 25 تموز/ يوليو 2018، أدّت إلى مقتل 265 شخصاً، وخطف 14 سيدة و16 طفلاً من قرية الشبكي المتاخمة للبادية . 
وعلى الرغم من ارتباط ملفّ الاختطاف هذا بالتنظيم إلا أن نقل هذه الأعداد من "محاصَرِي داعشَ" كانت موجّهة إلى وجهاء السويداء بالتحديد بغرض إنهاء حالة الاستعصاء التي يقودها شيوخ الكرامة في المحافظة، الأمر الذي استغلّه النظام والتنظيم لإطالة أمد المعارك العسكرية هناك وتحقيق مكاسب تفاوضيّة للطرفين عبر ملفّ المختطفين. 
استمرت المعارك بين النظام والتنظيم قرابة 3 أشهر متواصلة إلى حين انسحابه المفاجئ من تلول الصفا وانتقال مقاتليه إلى جيوب أخرى للتنظيم ممتدة في بادية دمشق وريف السويداء الشرقي  استطاع التنظيم تكبيد النظام فيها خسائر فادحة في العتاد والعناصر 
3. 3. 2: إصدارات التنظيم بين "الضعف والتراجع" 
"أرض الله الواسعة" بادئة إصدارات التنظيم في عام 2018، حيث بثّه التنظيم ليدعو فيه مؤيديه وأنصارهُ بشكل صريح إلى الانتقال إلى أفغانستان أو خراسان حيث يطمح لإقامة الخلافة الجديدة فيها، مع دعوته المسلمين إلى الهجرة إليها بعد أن فقد سيطرته على معاقله في سورية والعراق. 
ابتدأ الإصدار بإظهار أعدادٍ من الخيول يمتطيها عناصر التنظيم رافعين الرايات السوداء تتبعهم جموع غفيرة من عناصر الدولة تتجه نحو أبي بكر البغدادي بهدف تقديم البيعة له بالخلافة ليظهر خطيب التنظيم متحدثًا عن تمدّدهم وأخذ البيعة من جموع الشعب الأفغاني على صيحات التكبير، في رسالة واضحة منه إلى توجُّهه القادم إضافة إلى إظهار قائد التنظيم "أبي بكر" على قيد الحياة .
بالانتقال إلى إصداره الأخير الذي بثّه التنظيم في 15/ 11/ 2018 والذي عنونه بـ مصنع الأبطال، فإننا نجد ضعف التنظيم التقني واضحًا فلا مشاهد جوية في الإصدار سوى مشهدٍ عسكري قديم إضافة إلى تراجُعٍ واضح في المونتاج وظهور أسلحة محلية الصنع من الصواريخ وقذائف الهاون ذات الأعيرة الصغيرة مما يشي بضعف التنظيم التذخيري. 
خلا الإصدار الجديد من العمليّات العسكرية المهمّة مع تركيزه على استهداف السيارات المارة وعمليّات الاغتيال الليليّة، مما يعني أن التنظيم عاد إلى المربع الأول الذي كان عليه في عام 2008، حيث يتّخذُ من امتداد صحراء الأنبار معقلًا له. 
لقد عبّرت إصدارات التنظيم داعش عن وضعه الميداني عمومًا ضمن مرحلتين من تاريخه، حيث تمتدُّ الأولى من 2014 إلى 2016 فشهدت زخمًا في حجم الإصدارات المرئية وكثافةً في البيانات المقروءة والمسموعة، فعمل التنظيم فيها على اختزال مفهوم الجهاد في القتال الدائم ضد الجميع، فغلبت الصورة الدامية على خطابه كما ركزت هذه المرحلةُ على قضايا الجهاد والتوسع والانتشار والتمدد، وسعت إلى إظهار تنامي قوة التنظيم الميدانية والعسكرية.
أما الثانية فتمتدُّ من 2017 وحتى 2018 حيث شهدت إصدارات التنظيم فيها تراجعاً واضحا سواء من حيث التقنية والعدد وذلك بالتزامن مع تراجعه الميداني وخسائره على الأرض، يوازي ذلك بالضرورة تغيير خطاب التنظيم من التبشير بالفتح والتوجّه المستمر نحو التوسع والانتشار إلى تصدير خطاب الصبر على الابتلاءات والفتن والثبات وعدم الفرار من الميدان، مما يشير إلى تحوّله عن موضع الهجوم والقوة إلى موضع الدفاع والتراجُع، فنرى غياب نصوص أحكام إقامة الخلافة وتطبيق الشريعة، لتحلّ مكانها خطابات التحذير من القعود عن القتال وتحريم الهروب منه أو الانشقاق عن صفوف التنظيم، كما عبّرت الإصدارات المرئية للتنظيم عن محاولته إظهار تماسكه الذي يبدو يومًا بعد يوم أكثر تفككًا وتخبطًا مما مضى، كما تطغى خطابات التحريض ضدّ الحكومات في رسائله وخطاباته تحت مفهوم مقارعة "الطواغيت"، إضافة إلى تراجع نشاط التنظيم الإعلامي وانحساره على كافة الأصعدة، وخاصة على مستوى الكتابات والإصدارات المقروءة، فيما عمل التنظيم على إعادة نشر الكتابات والمطويات القديمة، في سياق يدل على فقدان التنظيم لكوادره وموارده . 
3. 3. 3: داعش، سيناريوهات "التحوُّل والمصير"
قدَّم تنظيم "الدولة الإسلامية" نفسه من خلال مخاطبته الإيديولوجيّة لموضوع الهويّة الإسلاميّة المغيّبة، كممثل لإسلام سُني يتعرض لأخطار وجودية من أيديولوجيات ومذهبيات عديدة؛ الأمر الذي دفعه -إضافة لعوامل أخرى داخليّة- إلى تحديد استراتيجيته بأولوية قتال العدو القريب وتركيز أولوياته على الأقرب فالأقرب وصولًا إلى العدو البعيد فالأبعد، لذلك فقد كان منطق التنظيم أكثر صرامة وعنفًا مع من يصفهم بـ "المرتدين والصحوات والخونة والعملاء من السنة" وذلك بهدف تطهير مناطق حاضنته السنية من الفصائل التي قد تشكّل خطرًا عليه ، وهاجم الأنظمة العربية باعتبارها ديكتاتوريات مرتدة تحارب الهوية السنية، وتوسع في وصف الشيعة باعتبارهم كفرة محاربين للإسلام السني ومرتهنين لولاية الفقيه الإيراني الفارسي الصفوي، وتصدى للغرب الإمبريالي باعتباره حلفًا صليبيًّا حاقدًا هدفه السيطرة ومحاربة الإسلام السني . 
ما تقدّم بمجمله يدفع لفهم النوعيّة التي شكلها "التنظيم" من الخطر، حيث إن خطره لا ينبع من كونه تنظيماً متطرفًا وإنما لأنه يمثّل إيديولوجيّة توسعية ناهضةً في زمن تكاثرت فيه الانتكاسات والانكسارات، مما دفع الدول للتداعي بهدف ضربه وإفنائه، متغافلةً عن الديكتاتوريّات التي تفتك بالشعوب العربية بشتى الوسائل والسبل المتاحة، ومن ثمّ هذه الإيديولوجية التي قدمها "التنظيم" شكّلت حاملاً لتأييده عند شرائح واسعة من شباب المسلمين في العالم الإسلامي وإن رفضوا تشدده الديني وأساليبه الوحشيّة في إظهار انتقامه من معارضيه وأساليبه المرعبة، حيث يتوافقون مع مساعيه في إعادة الاعتبار للهوية السنّيّة المهمّشة والشخصيّة الإسلاميّة المهددة في وجودها، وعليه فإنه بالرغم من انتهاء التنظيم كدولة قائمة على الأرض لا يشي بانتهاء خطر هذه الإيديولوجيّة التي أنشأها وصدرها لأعداد واسعةٍ من الشباب المؤيّد له، فإخراج جماعة من بيتٍ ما لا يعني إخراج الفكرة والانتماء من عقولِ من تأثر بهم وقلوبهم؛ مما يدفع إلى القول بأن التنظيم سيبقى موجوداً بخلاياه وأفكاره وملهمًا بأسلوبه في القتال والإدارة والتوجيه والخطاب الإعلامي. 
وإذا ما أردنا حصر الخيارات التي تبقّت أمام التنظيم فإنها لا تكاد تخرج عن الآتي: 
أ‌. تفرُّع التنظيم ضمن مجموعات تنظيمية وهياكلَ جديدة في الدول المحيطة، كتركيا والسعودية ومصر والسودان وأفغانستان، وغيرها من الدول المرشحة للانتشار فيها.
ب‌. اتباع استراتيجية "الذئاب المنفردة" في دلالة على الخلية الصغيرة التي تعمل ضمن نطاق ضيق لا يزيد عن ثلاثة أشخاص تجمعهم روابط القرابة الدموية، ويعد هذا الخيار الطريق الأمثل للجماعات التي يضيق عليها الخناق أمنيًّا، حيث تعمد إلى استهداف أهداف مدنيّة أو خدمية بغية إلحاق الأذى بأكبر عدد ممكن من الناس كوسيلة ضغط وانتقام في الآن ذاته من الدولة المستهدَفة. 
ت‌. هجرة "الأنصار" إلى ديار جديدة حيث يتحوّل أنصار الأمس المنضمّين إلى التنظيم سفراء يفتتحون فروعاً "كبيرة" أو "صغيرة" له في الأماكن التي يرتحلون إليها، مما يعني انتقال تلك الأيديولوجيا وأساليب العنف المكتسبة لديهم إلى تلك الأماكن. 
ث‌. استغلال "أشبال التنظيم" في تدريبهم والاعتماد عليهم في إنشاء جيل جديد من الجهاديين، حيث لا يخضعون لفكر آخر غير الفكر الذي يتلقونه منه، كما أنهم سيكونون أداة لاستمرار نهج التنظيم في مختلف الأماكن التي سيكبرون فيها.
 
الخاتمة: 
يعدُّ رصد أهم مواقف الحركات الإسلاميّة المعارضة في سورية في أعوامها المتتالية مدخلاً مهمًّا لفهم طبيعة التغيرات التي تطرأ عليها خاصة تلك التي تتعلق بالتراكمات الفكرية والتنظيميّة التي تبنّتها في سِنِيِها الماضية، وعليه فإنه يتّضح -للمتابع- أن الجماعات الإسلاميّة المعارضة -ميدانيًّا- في سورية خلال عام 2018 شهدت كثيرًا من التغيُّرات في خريطة فاعليّتها وتأثيرها ونفوذها ومدى سيطرتها على الواقع المحيط بها، إضافة إلى التغيّرات التي طالت هيكلها البنيوي والتنظيمي والفكري في بعض الأحيان؛ مما يجعلها -من حيث طبيعتها الآنيّة- تنظيمات غير مستقرّةٍ -بالمعنى النهائي-  إلا أنها في طور التحوُّل والانتقال إلى وضع يسمح لها بالاستمرار من خلال تفاعلها مع ديناميّاتٍ الواقع والمجتمع الذي تنتشر فيه.
على الرغم من هذا الإطار العام فإنه لا بد من الإشارة إلى أهمِّ ما يمكن استشرافه من مستقبل هذه الجماعات في العام القادم خصوصًا وما يليه عمومًا، وذلك على النحو الآتي: 
أ‌. جماعة الإخوان المسلمين: 
• تعدُّ جماعة "الإخوان المسلمين" السوريَّة من أقدم الحركات التنظيميّة الإسلاميّة في المنطقة، وتعلن مشاريعها السياسيّة عن مدى الانفتاح الذي وصلت إليه مقارنة بغيرها من الحركات السياسيّة الدينيّة، إلا أنها لا تحتاج للتأكيد على مدى انفتاحها الفكريّ وتطوّر أدبيّاتها السياسيّة قدر ما تحتاج من إعادة فاعليّتها وتغيير الكتلة الصلبة المستقرّة في هرم القيادة منذ عقود، ممّا جعل من مؤسسة القيادة داخل الجماعة إطارًا متكلّسًا تتشابكُ فيه العلاقات والتحالفات على نحو شديد التعقيد مع ملاحظة أنّ الوجوه الشبابيّة الجديدة لم تختلف في سلوكها وأفكارها عن تلك الأُطُر غير المرئيّة، مما يحتّم على أصحاب الفكر الاستراتيجي غير "المنحاز" لأمراض الهَرم البنيوي في الجماعة وضع رؤية تفصيليّة تسمح للجماعة بإعادة بناء فاعليتها المفقودة على أسس الانتشار الحقيقي في الأرض السوريّة وفتح الباب للراغبين بالدخول إليها رسميًّا وإعادة هيكلة مؤسسة القيادة على نحو يوازن بين جميع الكوادر واللجان الفرعيّة، ويضع الكوادر الجديدة موضوع الاهتمام بحسب الكفاءات التي يمتلكونها، والوصول بذلك المخطّط إلى مستوى التطبيق والتنفيذ.
• يمتلك تاريخ "الجماعة" منذ تأسيسها إلى تاريخ اليوم العديد من المشاريع السياسية والمواقف من القضايا الإشكاليّة، إلا أنها اعتمدت في عام 2018 "الانسحاب المتعمّد" شبه الكامل من سياقات التأثير في المجال السياسي المرتبط بالمسارات المفترَضة لحلّ الأزمة السورية سياسيًّا، فرفضت مخرجات مؤتمر سوتشي للحوار الوطني إضافة إلى عدم مشاركتها في تأييد مسار "آستانة" وإن صوّبت بعض قراراته وأيّدت العمل ببعض بنوده كاتفاق "المنطقة العازلة" في إدلب التي توصل إليها الرئيسان التركي والروسي، وآثرت الانسحاب من  اللجنة الدستورية ورفض قَبولها مع حرصها على التنويه بدعمها المسار السياسي الذي يؤدي إلى تشكيل هيئة حكم انتقاليّة تؤسس لنظام جديد لا يكون "للنظام القديم" فيها وجود أو تأثير 
ب‌. حزب التحرير الإسلامي:
• على الرغم من الانتشار الضيِّق الذي حازه الحزب في سوريّة إلا أن كثرة بياناته ونشاطه الإعلامي أظهرته بصورة الحزب الأخطبوطي الذي يمد أذرعه إلى شتى الأماكن والدول، إلا أنّ الواقع يثبت أن الحزب لا يمتلكُ فاعليَّةً ظاهرةً على الأرض بقدر ما تظهرِهُ الهالة الإعلاميّة التي يتلفّحُ بها، إذ لا يمتلك جمعيّات خيريّة أو منظّمات تنمويّة تنشُر رؤيته الفكرية على الأرض، كما أنه لا يستندُ إلى قوّةِ فصائل عسكريّة تدعمه مكتفيًا في حضوره على قوّة الفكرة التي يدعو إليها حيث جعلته هذه الإيديولوجيّة خصمًا مستهدَفًا من قبل مخالفيه عمومًا والفصائل التي يحتكُّ بها خصوصًا، ومن ثمّ فإن استمرار الحزب في سوريّة لن يعدو أن يكون وجودَ أمرٍ واقعٍ بلا تأثير فعلي.
• ينطلق الحزب في تعامله مع مجريات الأحداث كلّها من قواعده الأيديولوجيّة حيث يحاكم الأحداث السياسيّة ضمن ثلاثيته التي يروّج لها للوصول إلى "الخلافة"، ولذا فإنه لا يرى في الحلول السياسية أو العسكرية مخرجاً من الأزمة السورية، ولن يرى في غير إقامة الخلافة سبيلاً لحل أي قضيّة مستعصية في عموم بلاد المسلمين والعالم على الرغم من واقعيَّةِ كثيرٍ من التحليلات السياسيّة التي يتلوها أصحابه ومنظروه، إلا أنّ هذه التحليلات تغدو خياليّةً ومغلقة إلى حدٍّ بعيدٍ نظرًا لمثاليّتها المفرطة في الحُلم بتفتيت سياق التعامل في الواقع الدوليّ المحيطِ بالثورة السوريّة أو القضايا الأخرى التي يهتمُّ بها في سياقات تعليقاته المستمرَّة على الأحداث الجارية هنا وهناك. 
ت‌. الجماعات السلفيّة المحلّيّة: 
• تتجه الجماعات السلفيّة المحلّيّة في الثورة السوريّة "أحرار الشام/ جيش الإسلام" إلى إعادة بناء فاعليّتها على ضوء ضرورة الاندماج مع التشكيلات الثوريّة وهو ما تشير إليه الجهود الرامية لمراجعة خطابها الديني وإعادة بناء هيكليتها التنظيمية على نحو يضمن لها التماهي مع المكوّنات الثوريّة الأخرى، ومن ثمّ فإن هذه التشكيلات إضافة إلى التشكيلات المحليّة الأخرى ستغدو في نهاية المطاف جسدًا بنيويًّا واحدًا يتفاعل ضمن إطار "التديّن الاجتماعي" ومراجعات الخطاب الديني عموماً
ث‌. الجماعات السلفيّة "المهاجرة": 
1. تواجه الجماعات السلفية "المعولَمة" تحدّيات مختلفة باختلاف تعريفها لنفسها، فجبهة النصرة التي آلت إلى "هيئة تحرير الشام" تمرُّ بعملية تحوُّل في الخطاب الفكري والعمل العسكريّ حيث إنها قدّمت من التعامل البراغماتي ما لم تقدّمه غيرها من حركات الجهاد السلفي "المعولَم"، من حيث الانفصال "الفعليّ" عن تنظيم القاعدة العالمي –في توجُّه فعليٍّ للتحوّل إلى فصيل جهاديٍّ محلّيٍّ معتدل- إلا أن قياداتها ما تزال تنظر في علاقتها مع الأطراف المحيطة ضمن إطار "الشوكة والقوة والسيطرة والتأثير الفعلي والشراكة الغالبة أو المحترمة" مما يظهر أن عمليّة الاستجابة التي اتبعها "الجولاني" في قيادته للتنظيم الجهادي غالباً ما ترتبط بمرحلة مؤقتة يصعب الاستمرار في تلبية مصالح جميع القوى الفاعلة لأن من شأن ذلك أن يؤدي في النهاية إلى الاصطدام الحاد فيما بينها. وبناءً على ما سبق يُمكن الاعتقاد أن الفترة التي مرّ بها التنظيم السلفي الجهادي "القاعدي" بين عامي 2016 و2018 هي "مرحلة انتقالية" وأن التغييرات الجديدة التي سوف يقدم عليها ربّما تذهب به إلى "مرحلة استقرار" من حيث الهوية والسلوك السياسي، وبالتالي لا بدّ من الانتقال من السلفية الجهادية "المحلية – المعولمة" إلى السلفية الجهادية "المحلية
2. تعاني التنظيمات السلفية الأخرى في منطقة "إدلب الكبرى" من هاجس "البقاء" و"الاستمرار" ففصيل "حراس الدين" الباحث عن إعادة أمجاد القاعدة ينتظر الفرصة لفرض نفسه في الساحة باعتباره قوة معتبرة تؤوي "المهاجرين" وتنفّذ إستراتيجيات التنظيم "الأم" إلا أن الواقع المحيط به يحتّم عليه خيارات ضيقة من قبيل الانضمام إلى الفصائل المحليّة أو مواجهة خيار الاقتتال الحتمي، أو حلّ نفسه والعودة إلى استراتيجية الخلايا الصغيرة التي لا تظهر نفسها في إطار تنظيمي واضح. 
3. أما تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" فإن واقع انتهاء "دولته" لا يعني انتهاء "تنظيمه" خاصة أن الأيديولوجيا التي سوّق لنفسه بها باتت حلمًا ينبغي تحقيقه لدى شرائح كثيرة من الشباب المؤيدين لأساليبه والمعارضين لها على حدٍّ سواء، إلا أن ظهوره العلني مرة أخرى يحتاج إلى فترة انتقاليّة يرتب فيها صفوفه واستراتيجياته، مع احتمال كبير لسلوك مكوّنات منه استراتيجية الهجرة إلى أماكن جديدة والسعي للتمدُّد فيها واستقطاب المهاجرين إليهم لدعم مشروعهم في إعادة الخلافة مرة أخرى في مكان جديد. 
 
المراجع:
1- ينظر على سبيل المثال تصريح رئيس المكتب الإعلامي عمر المشوّح، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2TQcueU وينظر بيان مجلس شورى الجماعة الذي أكد على ذلك عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2R6ItJf 
2-  ينظر بيان الجماعة بهذا الخصوص عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2T1pn4j والرابط الاتي: https://bit.ly/2E8Pkvy
3-  ينظر بيان الجماعة بهذا الخصوص عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2E8Pkvy
4-  ينظر السابق نفسه.
5-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2AjUIsn 
6-  ينظر https://bit.ly/2E8Pkvy
7-  ينظر بيان الجماعة بهذا الخصوص في البيان الآتي: https://bit.ly/2V0fkOV 
8-  ينظر https://bit.ly/2V0fkOV
9-  ينظر https://bit.ly/2V0fkOV
10-  ينظر https://bit.ly/2V0fkOV والرابط الآتي: https://bit.ly/2R6ItJf 
11-  ينظر الآتي: https://bit.ly/2T1pn4j، والرابط الآتي: https://bit.ly/2R6ItJf، والرابط الآتي: https://bit.ly/2Q8YAWX
12-  ينظر الآتي: https://bit.ly/2T1pn4j، والرابط الآتي: https://bit.ly/2R6ItJf 
13-  ينظر يان الجماعة بهذا الخصوص عبرالرابط الآتي: https://bit.ly/2Q8YAWX 
14-  نقلاً عن مصادر من داخل الجماعة. 
15-  ينظر بيان حزب التحرير المعنون بـ الخلافة فرض قبل الثورات وبعدها، عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2PPwJG7 
16-  ينظر بيان حزب التحرير المعنون بـ تبنّي مشروع الخلافة والصدعُ به أولى خطوات النصر،  https://bit.ly/2GvYEvu 
17-  ينظر بيان حزب التحرير المعنون بـ عندما وُسِّد الأمر لغير أهله بيع فسطاط المسلمين "الغوطة"، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2R6mWAl والبيان المعنون بـ حُقَّ لطاغية الشام أن يرفع قبعته إجلالاً وتقديراً لقادة الفصائل ومشرعني أعمالها عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2BzTNDE 
18-  ينظر بيان "حُقَّ لطاغية الشام أن يرفع قبعته إجلالاً وتقديراً لقادة الفصائل ومشرعني أعمالها" عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2BzTNDE 
19-  ينظر بيان مرحلة يتخللها اليأس تُبشر بالنصر الذي يشتدّ قبله البلاء، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2LtO6vu 
20-  ينظر مقال ماذا تحتاج ثورة الشام، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2GwNYN1 
21-  ينظر على سبيل المثال: https://bit.ly/2GyBTXO 
22-  ينظر https://bit.ly/2EAAflJ 
23-  ينظر السابق نفسه. 
24-  ينظر السابق نفسه. 
25-  يرد ذلك في العديد من بيانات الحزب وتصريحاته وإصداراته، ينظر على سبيل المثال:  
أوّلاً: http://cutt.us/roQ9d 
ثانيًا: http://cutt.us/pbfka
ثالثًا: http://cutt.us/HRdIb
رابعاً: http://cutt.us/lf5YF 
26-  ينظر جواب الحزب عن حقيقة المواقف الدولية من معركة إدلب، عبر الرابط الآتي: http://cutt.us/NcGtb 
27-  ينظر جواب الحزب عن حقيقة المواقف الدولية من معركة إدلب، عبر الرابط الآتي: http://cutt.us/NcGtb
28-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EFsrzY 
29-  ينظر على سبيل المثال https://bbc.in/2V3f818 
30-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Bwr2HX وينظر: https://bit.ly/2BY558i 
31-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2PQX0E7 
32-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Bwr2HX 
33-  ينظر السابق نفسه.
34-  ينظر بيان: فتح الطرقات مكسب كبير لطاغية الشام ومكر جديد بثوارها عبر الرابط الآتي:  https://bit.ly/2PQX0E7 
35-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ECAKMq ، والرابط الآتي: https://bit.ly/2SaQfyQ
36-  ينظر على سبيل الروابط الآتية: 
أولاُ: https://bit.ly/2Euzhro 
ثانيًا: https://bit.ly/2SZm8ua 
ثالثًا: https://bit.ly/2SbePQb 
رابعاً: https://bit.ly/2S7V9ww 
خامسًا: https://bit.ly/2QYY4an 
سادسًا: https://bit.ly/2Se1GGe
سابعًا: https://bit.ly/2UX82LL 
ثامنًا: https://bit.ly/2R62SOC 
تاسعًا: https://bit.ly/2rN31Iw 
37-  عملية غصن الزيتون، ومخرجات سوتشي، واتفاق إدلب، وزيارة البشير، وغير ذلك
38-  يقارَن هذا الاستشراف بـدراسة نشرها مركز جسور للدراسات عن حزب التحرير، ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2wAkw1m  
39-  ينظر وصف المجلس في موقع الرسمي عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2LAiTqI 
40-  ينظر https://bit.ly/2LAiTqI 
41-  ينظر الرابط الآتي https://bit.ly/2GI4MRu
42- ينظر الرابط الآتي https://bit.ly/2GI4MRu 
43- ينظر بيان المجلس المعنون بـ بيان حول وجوب قتال بغاة الجولاني والدعوة الى استعادة أصالة الثورة، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERvmpr 
44-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERvmpr 
45-  ينظر البيان السابق نفسه.
46-  البيان السابق نفسه.
47- ينظر البيان السابق نفسه. 
48-  ينظر بيان المجلس تجاه بغي الهيئة على حركة نور الدين الزنكي بتاريخ 12/ تشرين الثاني/ 2017، https://bit.ly/2VenfIl 
49- ينظر بيان المجلس الأول عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2QQ1Iaq وينظر بيان المجلس الثاني عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2SsRo5e 
50-  ينظر بيان المجلس بشأن اللجنة الدستورية عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Vbbl1X 
51-  ينظر نصُّ الفتوى عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2RnLTqU 
52-  ينظر نص الفتوى عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EQl0Wc والرابط الآتي: https://bit.ly/2Smu8pl 
53-  ينظر بيان التأييد لصمود الغوطة عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EQCSRn 
54-  ينظر بيان بشأن مستجدات الغوطة الشرقيّة عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERLZQT 
55-  ينظر بيان بشأن هجوم النظام على دوما بالغازات السامة عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2TcjuBt 
56-  ينظر بيانه المصور عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2SmGgXq وينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Rhz2Xn وينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERzGVR 
57- ينظر نص البيان عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2CCw6fK 
58- ينظر نص البيان لهذه المبادئ عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2cVwZQk 
59-  ينظر الروابط الآتية: 
أولاً: https://bit.ly/2CsYHUJ 
ثانيًا: https://bit.ly/2QKOTyb 
ثالثًا: https://bit.ly/2V2HDvY 
60- ينظر الرابط الاتي: https://bit.ly/2Lxusie 
61- https://bit.ly/2R5RiD9 
62-  ينظر على سبيل المثال: https://bit.ly/2CX6S8G
63-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Sb9DvO والرابط الاتي: https://bit.ly/2rR2cOU 
64-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2BFcNka والرابط الآتي: https://bit.ly/2Ad3Q1M 
65-  ينظر https://bit.ly/2BFcNka و الرابط الآتي: https://bit.ly/2ED82L7 
66-  ينظر https://bit.ly/2Rbgckz والرابط الآتي: https://bit.ly/2rOESB0 والرابط الآتي: https://bbc.in/2n9xvCe والرابط الاتي: https://bit.ly/2V4y8MX ، والرابط الاتي: https://bit.ly/2RbgkR5 
67-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2SZDGXg  حيث بلغ تعداد مقاتلي التشكيل الجديد إلى ما يزيد عن 80 ألف مقاتل -بحسب مراقبين- وأكدت الجبهة على أنها تسعى من خلال هذا التشكيل الجديد لأن تكون نواة لجيش الثورة القادم داعياً الجميع لمشاركتهم بأعباء المسؤولية وتبعات التكاليف الشاقة، كما أكّدت الفصائل المشاركة في أنها تدعم عقد مؤتمر وطني جامع لأطياف الثورة كي تعود الثورة لكل أهلها ويقررون من خلالها مستقبل البلاد
68-  أبرز مكونات الجبهة هي حركة أحرار الشام وفيلق الشام وجيش إدلب الحر وجيش النصر وجيش الأحرار وحركة نور الدين الزنكي والفرقة الوسطى، جيش النخبة، الجيش الثاني، صقور الشام، تجمُّع دمشق وريفها، لواء شهداء الإسلام داريا - الفرقة 23، لواء الحرية لتكون بذلك أكبر فصيل عسكري في المناطق المحررة في إدلب وحماة وريف اللاذقية وريف حلب الغربي.
69-  ينظر نص البيان عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2Sbf9yw وينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2GCQiSN 
70-  ينظر الهامش السابق نفسه. 
71-  ينظر https://bit.ly/2rOx7eu وينظر التسجيل المصور عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2AbUP8Z 
72-  ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2LuJzcl و https://bit.ly/2V6apMc و https://bit.ly/2LutkvQ  
73-  ينظر معلومات أوسع لتاريخ تشكيل الجيش في الموقع الرسمي له عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2rRnAnH 
74-  ينظر https://bit.ly/2TeA6IV 
75-  ينظر على سبيل المثال https://bit.ly/2ELqMs5 و https://bit.ly/2AhZkPn 
76-  ينظر بيان الفصائل الذي وقع عليه الجيش https://bit.ly/2RkVoam وينظر بيان الجيش في رفض حضور المؤتمر إبان انعقاده https://bit.ly/2EQ675X 
77-  ينظر المعارك والمناوشات التي نشرها الجيش على حسابه في تويتر في تلك الفترة، كالروابط الآتية مثلاً: 
https://bit.ly/2LBOrMP
https://bit.ly/2Tdo1n7
https://bit.ly/2LBMakJ
https://bit.ly/2SlDn97
انفوغرافيك خسائر النظام في الشهر الأول من العام على يد الجيش https://bit.ly/2s5uZiR 
https://bit.ly/2LAHkUP
https://bit.ly/2AhtDpF
78-  ينظر بيان الجيش عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2AisGxf 
79-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2VdENnW 
80-  ينظر الرابط الآتي: https://cnn.it/2TdawUB 
81-  تعرّضت مدينة دوما في السابع من نيسان عام 2018 لهجوم بالأسلحة الكيماوية أسفر عن سقوط نحو 70 قتيلاً وإصابة مئات آخرين ينظر https://bbc.in/2BGj53b، والرابط الآتي: https://bit.ly/2Q1oGX3 والرابط الآتي: https://bbc.in/2SlT7cf و https://bit.ly/2Vc33XS 
82-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2BM8G6e والراباط الآتي: https://bit.ly/2BM8G6e 
83-  ينظر جيش الإسلام في درع الفرات معضلة الوجود، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2RjdfhY 
84-  ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2CCHCYz  وينظر https://bit.ly/2TdHnbM 
85-  ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2TbHSDf 
https://bit.ly/2TdK5hr 
https://bit.ly/2EQUpZJ
86  ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERipfs 
87  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EPHXZx والرابط الآتي: https://bit.ly/2BJgoxD والرابط الآتي: https://bit.ly/2RqpVnv 
88  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EQIiLE  و https://bit.ly/2Q1Xtn7 
89  ينظر تصريح قائد الجيش لقناة الجزيرة عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Vej7Ij، وينظر لقاء قناة نداء سورية مع الناطق الإعلامي باسم الجيش حمزة بيرقدار، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2Q1Xtn7 
90-  ينظر https://bit.ly/2Vej7Ij 
91-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERipfs
92-  ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2ERipfs  والرابط الآتي: https://bit.ly/2EQgA2h 
93-  ينظر كلمة أيمن الظواهري المعنونة بـ "فلنقاتلهم بنيانًأ مرصوصًا"، المبثوثة في 29/ 11/ 2017.
94-  ينظر حراس الدين وتكيفات القاعدة في سورية، حسن أبو هنيّة، https://bit.ly/2EOPqZv 
95- نقلا عن نيرمين توفيق، ينظر مقال حراس الدين، القاعدة تحاول إعادة ترتيب صفوفها في سوريا، عبر الرابط الاتي: https://bit.ly/2QPBi91 
96-  ينظر نص البيان عبر هذا الرابط https://bit.ly/2GGaJhR و https://bit.ly/2GIVF2S 
97-  ينظر https://bit.ly/2GGaJhR وhttps://bit.ly/2EOPqZv وhttps://bit.ly/2Q3VU7U
98-  ينظر https://bit.ly/2QOLVIU و https://bit.ly/2EOPqZv 
99-  https://bit.ly/2Q3VU7U  وينظر https://bit.ly/2rSKOJq 
100- ينظر الراوابط الآتية: https://bit.ly/2NjAQJu و https://bit.ly/2V8Mmwg و https://bit.ly/2Q3GznO 
101-  ينظر الروابط الآتية: 
https://bit.ly/2EPBhuy 
https://bit.ly/2AffXeQ
https://bit.ly/2Qtw0il 
https://bit.ly/2QTzr2W 
https://bit.ly/2Q6JrRf
https://bit.ly/2CxrZSo
https://bit.ly/2SktRmF
https://bit.ly/2AbmGq3
102- ينظر الرابط الآتي: https://bit.ly/2CBqT83 
103- ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2EPrJQb 
 104- https://bit.ly/2SpjMFn 
105- يقارَن بـ فرص الاحتواء والسيطرة على إدلب، مقال منشور على موقع مركز عمران للدراسات، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2CDagcg 
106-  ينظر خبر الاندماج على الرابط الآتي: https://bbc.in/2GKBBwX 
107-  ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2GGXUUw
https://bit.ly/2Vd9cCS
https://bit.ly/2GJKWVW
https://bit.ly/2QWwrTi
108-  ينظر الآتي: https://bit.ly/2GJKWVW 
https://bit.ly/2ED82L7 
109-  ينظر https://bit.ly/2ED82L7 و https://bit.ly/2BFcNka 
110-  ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2GIH5s5، https://bit.ly/2QTiyoN، https://bit.ly/2EOqroi
https://bit.ly/2yBMdry، https://bit.ly/2rWLiOR
111- ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2GIH5s5، https://bit.ly/2QTiyoN، https://bit.ly/2EOqroi
https://bit.ly/2yBMdry، https://bit.ly/2rWLiOR
112-  ينظر تحليل مركز جسور للدراسات (وحدة التحليل والتفكير)، عن واقع هيئة تحرير الشام، هل يختلف عن غيرها من الفصائل، عبر برنامج التلغرام،  
113-  https://bit.ly/2ppUJor 
114-  https://bit.ly/2BIZkIn و https://bit.ly/2ydFi7R
115- ينظر تحليل وحدة التحليل والتفكير في مركز جسر للدراسات لموقف هيئة تحرير الشام من المنطقة العازلة واتفاق سوتشي، عبر برنامج تلغرام  
116  ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2QWabsC 
117-  ينظر الإدارة المدنية في اللحظة الأخيرة، أيمن الدسوقي، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2s19XS4 
118-  ينظر المصدر السابق نفسه. 
119- ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2RjEHMr ويقارن بتقرير الحكومة السورية المؤقتة الثالثة، مراجعة وتقييم، المنشور في موقع مركز جسور للدراسات، عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2zCin9b 
120-  ينظر الخبر عبر الرابط الآتي: https://bit.ly/2QV4ziB والرابط الآتي: http://o-t.tv/yeP 
121- ينظر تقرير تحليلي عن دلالة استبدال الهيئة التأسيسية لعلم الثورة بعلم جديد، مركز جسور للدراسات، عبر تلغرام 
122- يقدّر التحليل إمكانيّة انشقاق هؤلاء المعارضين لسوتشي والمعارضين للعمليات العسكرية التركية عن الهيئة وانضمامهم إلى الفصائل الجهادية الأخرى التي تستقطب "المجاهدين من المهاجرين"
123-  ينظر تقرير تحليلي عن دلالة اعتماد علم الثورة السورية بشكل معدّل بالنسبة لهيئة تحرير الشام، مركز جسور للدراسات،  
124- ينظر الروابط الآتية: https://bit.ly/2TiqSeN
https://bit.ly/2BJm0YW
https://bit.ly/2CDJUXe
https://bit.ly/2rYBILp
https://bit.ly/2GKWbgH
اعتمد التنظيم على عدة خطوط دفاعيّة فجعل الخط الأول للاشتباك المباشر، والثاني لإسناد الخط الأول، والثالث للحالات الطارئة، كما بات يعتمد على عدد قليل من عناصره لتنفيذ هجمات عسكرية خلف خطوط العدو.
125- ينظر
https://bit.ly/2EUvG6H 
126- ينظر
https://bit.ly/2s1eXGl
127- ينظر الروابط الآتية
https://bit.ly/2TdBP0Y
https://bit.ly/2EU6LAe
https://eldorar.com/node/125183
https://bit.ly/2Ajsyxg
https://bit.ly/2GTZ3I6
https://bit.ly/2Q4i2PP
128  ينظر  
129- ينظر 
130- ينظر حروب الأشباح، هكذا يجهز تنظيم الدولة حروبه القادمة، حسن أبو هنية، عبر موقع ميدان