تفاقُم أزمة المحروقات في إدلب.. الأسباب والمسبّبات
ديسمبر 28, 2022 1823

تفاقُم أزمة المحروقات في إدلب.. الأسباب والمسبّبات

حجم الخط
تفاقُم أزمة المحروقات في إدلب.. الأسباب والمسبّبات
 
 
 
مضى شهر تقريباً على أكبر أزمة محروقات في إدلب التي تُسيطر عليها هيئة تحرير الشام وحكومة الإنقاذ؛ حيث تعاني المنطقة من نقص في المعروض من المازوت والبنزين والغاز، مما تسبَّب بازدحام كبير في أماكن بيع المحروقات.
 
تزامنت أزمة المحروقات مع بَدْء موسم الشتاء، والاقتتال الذي اندلع بين الهيئة وفصائل من الجيش الوطني السوري، وإعلان شركة "وتد" -المورّد الرئيسي للمحروقات في منطقة إدلب- إيقاف عملها. 
 
وفي ظل هذه الأزمة ظهرت 5 شركات رئيسية تم منحها تراخيص من قِبل حكومة الإنقاذ لتأمين المحروقات -وهو الأمر الذي أوقفت وتد نشاطها بسببه- واستطاعت هذه الشركات الحصول على كمية صغيرة من المحروقات دخلت من تركيا عَبْر معبر باب الهوى، كما عملت على تأمين المازوت من شمال شرق سورية، عَبْر مناطق سيطرة الجيش الوطني، وذلك بعد أن وافقت شركة "إمداد" التابعة للجبهة الشامية على تأمين المحروقات لمناطق سيطرة الهيئة بدون رسوم عبور.
 
وفي الأصل، تعتمد إدلب على المحروقات القادمة من معبر باب الهوى بشكل رئيسي، بينما لا تُشكّل الكميات القادمة من معبر الحمران شمال شرق حلب سوى مصدر ثانوي، لكونها قليلة ولا تحتوي على الغاز ولسوء جودة المازوت.
 
عموماً، ما زالت أسواق إدلب تعاني من فقدان البنزين والغاز بشكل رئيسي، دون أن تنجح الشركات الخمس العاملة في مناطق سيطرة الهيئة بتأمين أي كميات قادمة من خارج سورية حتى الآن، باستثناء تلك التي دخلت لمرة واحدة من معبر باب الهوى الحدودي.
وعليه، كشفت أزمة المحروقات عن عدد من النقاط تتعلّق بسياسات الهيئة، يُمكن تلخيصها بما يلي:
 
• ضعف النموذج الاقتصادي الذي تُروِّج له الهيئة، والذي استندت له في هجومها على مناطق سيطرة الجيش الوطني، وقالت: إنها ستطبقه في المناطق التي هاجمتها مؤخراً، فهو يعتمد بشكل رئيسي على معبر وحيد مع تركيا، والذي يمكن أن ينهار في أي لحظة.
 
• استخدام المحروقات كسلاح حرب في اقتتال الفصائل؛ حيث ظهر أن جانباً من هجوم الهيئة كان يتعلق بالسيطرة على منافذ دخول وعبور المحروقات في ريف حلب الشمالي، بعدما سيطرت فصائل متحالفة مع الهيئة على معبر الحمران الرئيسي مع مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية، فيما منعت بعض فصائل الجيش الوطني تدفُّق الوقود لمناطق الهيئة لعدة أيام في سبيل الضغط عليها.
 
• استطاعت الهيئة أن تفكك شركة المحروقات الوحيدة المسيطرة على القطاع بشكل سريع وسهل، مقابل إحلال شركات أخرى مقربة منها أو تابعة لها، وهو ما يدل على مرونة عالية لدى الجهاز الإداري للهيئة.
 
• انعدام أثر الدعم المُقدَّم من قِبل المنظمات في جانب وقود الطبخ والتدفئة؛ حيث إن برامجها ترتكز على مصادر شراء داخلي، تعتمد على ما يتم إدخاله إلى هذه المناطق، وليس لديها أي برامج لضمان مساعدة المدنيين في مجال الوقود بعيداً عن الاقتتال الفصائلي السائد.
 
بالمحصّلة إنّ حلّ أزمة المحروقات في إدلب مرتبط بالدرجة الأولى بإعادة التدفُّق من معبر باب الهوى، والذي يبدو أن تركيا تغلقه بشكل كامل؛ لأسباب ترتبط بمحاولة الضغط على الهيئة بعد هجومها على عفرين. في مؤشر على ضعف تقدير الهيئة وحكومة الإنقاذ لخياراتهما السياسية والعسكرية وتأثيرها على مصير المدنيين الذين هم تحت إدارتهما.