التنافس الاقتصادي الإيراني – الروسي في سورية
أبريل 22, 2021 1641

التنافس الاقتصادي الإيراني – الروسي في سورية

حجم الخط

مقدمة 

 

تتشارك كلّ من إيران وروسيا الدفاع عن نظام الأسد في سورية منذ اليوم الأوّل لاندلاع الثورة في 2011، وفي وقت مبكر تدخلت فيه إيران عسكرياً واقتصادياً، واكتفت روسيا بالمحافظة على دعمها السياسي لنظام الأسد لتتدخل في وقت لاحق عسكرياً أواخر 2015.
في الفترة بين 2011 و2015، قامت إيران برسم المشهد بطريقة خاصة بها على الأرض، وبما يضمن مصالحها، حيث أمدّت النظام بقروض ضخمة مقابل استيراد سلع وبضائع إيرانية، وامتلكت عقارات واستحوذت على مشاريع في مختلف أنحاء البلاد، وبدأت تُجري صفقات تجارية مختلفة لهندسة المشهد بما يتلاءم مع أهدافها. لم يدم الأمر طويلاً حتى بدا أنّ روسيا -التي أعلنت في وقت مبكر من عمر الثورة أنّه لا مشاريع كبرى ولا استثمارات لها في سورية- ترى أن الواقع السوري ينطوي على مصالح اقتصادية لها، سواء في مجال الطاقة ومبيعات السلاح وإعادة الإعمار والتهرب من العقوبات الدوليّة ومصالح اقتصادية شخصية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومن هم في محيطه، الأمر الذي فتح باب التنافس مع إيران في بلد صغير نسبياً تتآكل موارده بفعل الحرب. 

تحاول هذه الدراسة أن ترصد المصالح الاقتصادية المختلفة لكل من إيران وروسيا، وتسلط الضوء على مواطن الخلاف والتنافس بينهما من جهة، ومواطن التلاقي من جهة ثانية، ومواطن حيادية من جهة ثالثة، وتحاول أن تخلص إلى سيناريوهات التوافق أو الصِدام في بعض الملفات، في إطار التنافس بينهما على الكعكة الاقتصادية السورية. 

أولاً: المصالح الاقتصادية الروسية في سورية 

ترسخت العلاقات الاقتصادية الروسية-السورية قبل 2011 في حكم الأسد الأب، بل منذ حكم البعث الذي اعتبر الاشتراكية منهجه واستلهم أفكار المفكرين السوفييت في صوغ أدبياته الرئيسية، واعتبر الاتحاد السوفيتي نموذجاً يحتذى على عدة مستويات، وربما كانت الاشتراكية تنسجم مع رغبة الأسد الأب في أن تتحكم الدولة -التي يقودها- بالإنتاج، فبعد أن سيطر على الجيش فكرياً وعقائداً كان لابد من منهج يستطيع السيطرة من خلاله على مؤسسات الدولة واقتصادها. في الواقع، حافظ الأسد لم يمتلك أي مشروع اقتصادي، وإنّما اتبع مشروع "صلاح جديد" الاشتراكي ، وهو ما جعله أقرب للاتحاد السوفياتي من أي دولة أخرى.
وصلت قيمة التبادل التجاري بين البلدين إلى مليار ونصف المليار دولار تقريباً في 1990، حيث اعتمدت سوريا بشكل كبير على السوق الروسية في تصدير الأقمشة والمواد الغذائية كجزء من الدين المترتب عليها، وبقيت التبادلات التجارية بحدود مليار دولار حتى عام 2010 ، ويتوقع أنّ هذا الرقم ارتفع بشكلٍ أكبر بكثير بعد عام 2011، حيث اعتمد النّظام السوري على روسيا بشكل ملحوظ خاصة في مجال القمح والسلع العسكرية.
كانت حصة روسيا من إجمالي التبادل التجاري الدولي مع سورية أقل من 10%، وكان أبرز شركاء سورية التجاريين هم دول الاتحاد الأوربي والدول العربية إضافة للصين. ثم تراجعت الدول العربية ودول الاتحاد الأوربي بشكل ملحوظ عن المستوى المعهود من علاقاتها مع الأسد، ومعظمها قام بقطع العلاقات نهائياً، مما جعل روسيا تتقدم إلى جانب الصين لتصبحا الشريكين التجاريين الرئيسيين مع مناطق النظام. وإذا أضفنا المعدات العسكرية، فمن المتوقع أن تكون روسيا هي الشريك الرئيسي لنظام الأسد طيلة السنوات العشر التي تلت اندلاع الثورة السورية عام 2011.
في البداية، استبعدت روسيا أن يكون لديها مصالح اقتصادية في سورية تتدخل من أجلها بعد اندلاع الثورة، فقد أكد بوتين مطلع 2011 على هذه المسألة حيث قال: "ليس لدينا مصالح هناك، لا مشاريع كبرى ولا قواعد عسكرية" . إلا أنّ الوقائع التالية أثبتت أنّ هذا الادّعاء غير صحيح، وإن كان ذلك لا يعني أنّ المصالح الاقتصادية كانت الدافع الوحيد وراء التدخل.  

 

 

لقراءة المادة بشكل كامل يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية (اضغط هنا) 
 

 

الباحثون