إلى أين يمضي تصعيد تركيا في "عين العرب" شرق حلب؟
يناير 10, 2022 1284

إلى أين يمضي تصعيد تركيا في "عين العرب" شرق حلب؟

حجم الخط

إلى أين يمضي تصعيد تركيا في "عين العرب" شرق حلب؟

 

صعّدت تركيا بشكل غير مسبوق القصف الجوي والمدفعي على ناحية "عين العرب" شرق حلب يوم السبت 8 كانون الثاني/ يناير 2022، حيث استهدف الطيران المسيّر والمدفعية 13 موقعاً متفرّقاً على طول الشريط الحدودي الممتد بين ناحيتَيْ "عين العرب" و"تل أبيض" شرق الفرات.


ويُلاحظ أنّ جميع المواقع المستهدَفة بالقصف تقع ضِمن المسار الاعتيادي للدوريات العسكرية المشتركة بين تركيا وروسيا. ومع أنّ ناحية "عين العرب" شهدت تسيير أكبر عدد من الدوريات المشتركة بين الطرفين بمعدّل يزيد عن 80 مرّة إلّا أنّ ذلك لم يؤدِّ إلى تقويض الأنشطة العسكرية والأمنية ضد تركيا انطلاقاً منها.
والدوريات المشتركة يُفترض أن تكون أداة لمراقبة انسحاب عناصر حزب "العمال الكردستاني" من المناطق الحدودية مع تركيا، كما تنصّ على ذلك مذكّرة "سوتشي" (2019)، عدا عن مراقبة وضمان تفكيك البِنْية التحتية التي يستخدمها "PKK" لتنفيذ أنشطته انطلاقاً منها.


من الواضح، أنّ حزب "العمال الكردستاني" ما يزال يستخدم هذه المنطقة كقاعدة عمليات لشنّ هجمات تستهدف مناطق وجود القوات التركية داخل سورية وضِمن أراضيها؛ فقبل ساعات من حملة التصعيد التي شنّتها تركيا على المنطقة كان تنظيم "PKK" قد استهدف عربة عسكرية تقلّ مجموعة من الجنود أثناء مرورها قرب مخفر "Gültepe" في الطرف المقابل لمنطقة "نبع السلام" شمال الرقّة، مما أدّى لمقتل 3 عساكر وجَرْح آخرين.


وسبق أن تعرّضت مقاطعة "قرقميش" جنوب تركيا لقصف بـ 5 قذائف هاون في 11 تشرين الأوّل/ أكتوبر. ويُلاحظ أنّ حزب العمال استخدم قرية "زور مغار"، التي تُعدّ آخِر نقطة في واحد من مسارين للدوريات المشتركة بين تركيا وروسيا ضِمن ناحية "عين العرب".


ويبدو أنّ حركة "الشبيبة الثورية" التابعة لحزب "العمال الكردستاني" تنشط بشكل كبير ضِمن هذه المنطقة؛ فقد استهدفت تركيا مقرّاً عسكرياً لها ضِمن ناحية "عين العرب" في 25 كانون الأوّل/ ديسمبر 2021. وبعد يومين فقط اعترض عناصر من نفس الحركة دورية مشتركة أثناء عبورها في قريتَيْ "قره موغ" و"عين البط" برمي العربات بالحجارة، وعلى إثرها ألغى الجانبان دورية مشتركة كان من المقرّر تسييرها في المنطقة بعد توصية من القوات الروسية، والتي أرجعت السبب إلى وجود تهديد أمني محتمل في 4 قرى تقع ضِمن المسار.


ما سبق يعني أنّ تصعيد تركيا الجوي والمدفعي لا يأتي فقط كردّ على استهداف جنودها انطلاقاً من ناحية "عين العرب"، بل لارتفاع مستوى التهديد الذي بات نشاط حزب العمال الكردستاني يُشكّله ضدها، والذي يستدعي ردّاً عسكرياً وعدم اقتصار التعويل على آليات العمل المشترك مع روسيا بموجب مذكرة "سوتشي" (2019). 
ويُمكن القول أيضاً: إنّ تركيا تريد التأكيد على امتلاك القدرة على استخدام الخيار العسكري لحماية وضمان مصالحها الأمنية في شرق الفرات، إذا ما أصرّت روسيا بدورها على استخدام ذات الخيار في غرب الفرات. وبالتالي، ضرورة عدم تجاوُز القنوات الدبلوماسية لتسوية الخلافات أو فرض الأولويات.


ومن المتوقّع استمرار تصعيد تركيا في المنطقة بما في ذلك التهديد بشنّ عملية عسكرية، لحمل روسيا على الالتزام بمسؤولية تطبيق ما تم التفاهم عليه من إخراج حزب "العمال الكردستاني" من المنطقة وحماية الدوريات المشتركة وتأمين مسارها والتعامل مع أي تهديد أمني قد يواجهها وليس مجرّد الاكتفاء فقط بمهامّ المراقبة والإخطار.