تموضعات الفاعلين في عام 2018 كيف تغيّرت خارطة السيطرة
ديسمبر 31, 2018 1409

تموضعات الفاعلين في عام 2018 كيف تغيّرت خارطة السيطرة

حجم الخط
تمهيد  
مع حلول نهاية عام 2017، كانت فصائل المعارضة المسلحة شمال سورية تبدي مزيداً من الالتزام بوقف إطلاق النار وفقاً لمذكرة خفض التصعيد الرابعة، ولم تتحرك لتخفيف الضغط عن فصائل المعارضة العاملة في الغوطة الغربية والتي كان النظام السوري يهاجمها واستطاع السيطرة عليها بعد إجبارها على الانضمام لنظام المصالحات. 
لم تغنِ الخطوات التي اتخذتها المعارضة المسلحة في الشمال من تحييدها عن أهداف ومقاربة النظام السوري وحلفائه لآلية وقف إطلاق النار، حيث سارع لحشد قواته وميليشياته على محاور متعددة بين ريفي حلب وحماة وإدلب، وبالفعل شن هجوماً واسعاً في 9 كانون الثاني/ يناير 2018، للسيطرة على منطقة شرق سكة الحجاز، والتي استطاع ضمها لمناطق نفوذه بغضون أسبوع من بدء عملياته، وسط تهاوي لدفاعات المعارضة. 
وقد استطاعت فصائل المعارضة إيقاف هجوم قوات النظام والميليشيات المتحالفة معها بعد تدخل غير مباشر للضامن التركي حيث سارع لدعم تشكيل غرفة عمليات تحمل طابعاً دفاعياً لمنع خسارة المزيد من المناطق. ومنذ ذلك الحين بدا وكأن فصائل المعارضة العاملة في الشمال السوري بكافة تشكيلاتها أصبح لديها قابلية للتعامل بمرونة مع تركيا ومباحثات أستاناً سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر على اعتبار أن ضمانة تركيا تساهم في تعزيز عامل الحماية لها وعدم تكرار الخسائر الكبيرة التي تعرضت لها شرق سكة الحجاز. وحينما كانت منطقة خفض التصعيد الرابعة تتعرض لهجوم من قبل النظام السوري وحلفائه مطلع عام 2018، أعادت فصائل المعارضة المسلحة العاملة في الجنوب السوري والغوطة الشرقية والقلمون الشرقي السيناريو الذي قامت به نظيرتها في الشمال حينما هوجمت الغوطة الغربية وغيرها من المناطق في عام 2017، وأبدت التزاماً باتفاق خفض التصعيد في المنطقة الجنوبية، لكن ذلك لم يثنها أيضاً عن شن النظام وحلفائه لهجوم واسع أدى في النهاية لخسارة معاقلها في درعا والقنيطرة. 
أما فيما يخص تنظيم داعش فقد دفع التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية المزيد من الجهود لتقويض نفوذه وسيطرته خلال عام 2018. 
ويتناول هذا التقرير التغيرات التي شهدتها نسب السيطرة على الأرض لكل الفاعلين، وأثر هذه التغيرات على التموضعات العسكرية والسياسية في العام الجديد
 
أولاً: التغير على مستوى الفاعلين 
حَمَل عام 2018، تغيرات كبيرة بالنسبة لمختلف الفاعلين، وكان المستفيد الأكبر النظام السوري، والخاسر الأكبر تنظيم داعش، مقابل وجود تفاوت في مقدار الخسارة والاستفادة لدى المعارضة وقوات سورية الديمقراطية كل على حدة. وفيما يلي عرض لأبرز تلك التغيرات على مستوى الفاعلين: 
النظام السوري
استطاع النظام السوري وحلفاؤه الأجانب في عام 2018 تعزيز الإنجازات العسكرية التي تم تحقيقها عام 2017، ووسع من نطاق نفوذه الميداني ونسبة سيطرته أمام بقية الفاعلين المحليين، والتي استقرت عند 60.3% مقارنة مع النسبة التي حققها عام 2017 والتي كانت 52.8%. 
وشكّل نظام المصالحات وإجبار فصائل المعارضة السورية على الدخول فيه العامل الرئيسي في زيادة نفوذ وسيطرة النظام، وكانت التحركات العسكرية ليست أكثر من وسيلة ضغط لإتمام الاتفاق وفرض شروط المفاوضات بعد أن تم رفع الغطاء السياسي أو عامل الحماية عن المعارضة المسلحة في جميع الأماكن التي عاد إليها النظام، وفيما يلي تسلسل زمني لمسار المصالحات في عام 2018:
• في 13 آذار/ مارس 2018، انضم حي القدم على أطراف العاصمة دمشق إلى سيطرة النظام السوري، بعد أن تم توقيع اتفاق نهائي مع فصائل المعارضة يقضي دخوله بشكل كامل في عملية التسوية. 
• في 21 آذار/ مارس 2018، انضمت مدينة حرستا في الغوطة الشرقية إلى سيطرة النظام السوري، بعد أن وقعت حركة أحرار الشام اتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة. 
• في 23 آذار/ مارس 2018، انضم القطاع الأوسط في الغوطة الشرقية إلى سيطرة النظام السوري، بعد أن وقع فيلق الرحمن اتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة. 
• في 1 نسيان/ أبريل 2018، انضمت مدينة دوما في الغوطة الشرقية إلى سيطرة النظام السوري، بعد أن وقع جيش الإسلام اتفاق مصالحة مع ممثلين عن مركز حميميم للمصالحة.
• في 20 نيسان/ أبريل 2018، انضم القلمون الشرقي إلى سيطرة النظام السوري بعد أن وقعت فصائل المعارضة العاملة في المنطقة اتفاقاً نهائياً مع مركز المصالحة في حميميم. 
• في نهاية شهر نيسان/ أبريل 2018، انضمت بعض مناطق جنوب العاصمة إلى سيطرة النظام السوري، بعد اتفاق نهائي وقعه عدد من فصائل المعارضة المسلحة أبرزها جيش الإسلام، حول مصير بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، وكان هذا الاتفاق بمثابة المرحلة الأخيرة من عملية المصالحة، حيث سبقها مرحلتان الأولى منها في منتصف شباط/ فبراير 2014، والثانية في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر 2017. 
• في 1 أيار/ مايو 2018، انضمت مدن وبلدات ريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي التي كانت تخضع لسيطرة المعارضة المسلحة، إلى سيطرة النظام السوري، بعد توقيع اتفاق نهائي بخصوص مصير مدن وبلدات المنطقة مع مركز حميميم للمصالحة. 
• في 22 حزيران/ يونيو 2018، انضمت قرى وبلدات داما والشياح وجدل في ريف درعا الشرقي إلى سيطرة النظام السوري، بعد اتفاق وقعه فصيل تجمع ألوية العمري مع مركز حميميم للمصالحة. 
• في 30 حزيران/ يونيو 2018، انضمت مدن وقرى وبلدات داعل في ريف درعا الغربي، والصورة، علما، دير سلط، مليحة غربية، مليحة شرقية، زحم، الكرك، الغارية الغربية، الغارية الشرقية، كحيل، المسيفرة، الحراك، جبيب، السهوة، والمتاعية في ريف درعا الشرقي، انضمت كلها إلى سيطرة النظام السوري بعد توقيع بعض الوجهاء والفصائل فيها اتفاقاً مع مركز حميميم للمصالحة.
• في 2 تموز/ يوليو 2018، انضم معظم الريف الشرقي في محافظة درعا لسيطرة النظام السوري؛ بعد أن قام فصيل شباب السنة الذي يقوده أحمد العودة بتوقيع اتفاق مصالحة منفرد مع روسيا يساهم في انتشار قوات حرس الحدود التابعة للنظام السوري بعمق (2) كم على امتداد الشريط الحدودي مع الأردن بما في ذلك الوصول إلى معبر نصيب.
• في 6 تموز/ يوليو 2018، انضم كامل الريف الشرقي في محافظة درعا لسيطرة النظام السوري، بموافقة وفد لجنة إدارة الأزمة الذي شكلته فصائل المعارضة السورية وبعض القوى المدنية في الجنوب لمفاوضة روسيا، على اتفاق مصالحة شامل مع هذه الأخيرة. 
• في 11 تموز/ يوليو 2018، انضمت درعا البلد وبلدة طفس بريف درعا الغربي لسيطرة النظام السوري، بعد توقيع اتفاق المصالحة بنفس الشروط التي تم توقيعها شرق درعا.
• في 14 تموز/ يوليو 2018، انضمت مدن وبلدات ريف درعا الشمالي "الحارة، نمر، جاسم، برقة، زمرين وأم العوسج" لسيطرة النظام السوري، بعد توقيع اتفاق المصالحة الذي أشرف عليه مركز حميميم للمصالحة وتم فيه تقريباً تطبيق نفس البنود التي جرت في مدن شرق درعا. 
• في 18/ يوليو 2018، انضمت مدينة نوى في ريف درعا الغربي لسيطرة النظام السوري، بعد توقيع اتفاق المصالحة والذي جاء بعد مفاوضات مع مركز حميميم للمصالحة، وبذات البنود التي تم تطبيقها شمال غرب درعا.
• في 20 تموز/ يوليو 2018، انضمت معظم مدن وبلدات محافظة القنيطرة لسيطرة النظام السوري، بعد توقيع اتفاق مصالحة بين مركز حميميم للمصالحة ومعظم فصائل المعارضة في المنطقة وفق بنود تماثل تلك التي تم توقيعها مع فصائل في درعا المجاورة. وأنهى هذا الاتفاق عملية عسكرية معقدة في منطقة تتسم بحساسية بالغة لقربها من إسرائيل. 
• في 30 تموز/ يوليو 2018، انضمت كامل محافظة القنيطرة لسيطرة النظام السوري، بعد أن توصّلت فصائل المعارضة في قطاع القنيطرة الأوسط والقطاع الشمالي منها لاتفاق نهائي مع مركز حميميم للمصالحة.
وكان للمعارك مع تنظيم داعش دور بارز أيضاً في توسيع نطاق سيطرة النظام السوري خلال عام 2018، وفيما يلي عرض لأبرز الأحداث التي وقعت بين الجانبين. 
• في 30 نيسان/ أبريل 2018، انضمت كامل أحياء جنوب العاصمة إلى سيطرة النظام السوري، بعد أن وافق تنظيم داعش على الخروج من جنوب دمشق باتجاه بادية السويداء وتسليم المنطقة لقوات النظام السوري. ويُقدّر عدد عناصر داعش الذين تجمعوا في شمال شرق السويداء حوالي 1000. 
• في 1 آب/ أغسطس 2018، انضمت كامل محافظة درعا لسيطرة النظام السوري، بعد استعادته السيطرة على حوض اليرموك الذي كان خاضعاً لنفوذ جيش خالد المبايع لتنظيم داعش، وجرى اتفاق بين الطرفين تم بموجبه نقل حوالي 400 عنصر من التنظيم باتجاه بادية السويداء.
• في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، انضم كامل ريف السويداء الشمالي الشرقي لسيطرة النظام السوري، بعد استعادته لمنطقة تلول الصفا إحدى آخر جيوب تنظيم داعش، وجرى ذلك وفقاً لاتفاق يقضي بانسحاب هذا الأخير من المنطقة باتجاه بادية تدمر مقابل إطلاق سراح 17 مخطوفاً من محافظة السويداء. 
 
المعارضة السورية
خسرت المعارضة السورية المسلحة في عام 2018 المزيد من نفوذها العسكري ومساحة سيطرتها، بعدما سجّلت في عام 2017 خسائر كبيرة أثّرت على نسبة سيطرتها الكلية التي أصبحت حينها 13.8%. وبالتالي استقرت نسبة سيطرة المعارضة الجديدة في عام 2018 عند 10.3%. 
ومع أن المعارضة المسلحة حاولت في عام 2018 توسيع نطاق نفوذها عبر عملية غصن الزيتون العسكرية التي نفذتها وسيطرت فيها على منطقة عفرين شمال غرب حلب، إلّا أن ذلك لم يؤثر بشكل فعلي على نسبة سيطرتها الكلية، نظراً للخسائر الكبيرة التي تعرضت لها في مناطق أخرى على يد النظام السوري وحلفائه. وفيما يلي تسلسل زمني لأهم المعارك التي خاضتها المعارضة المسلحة بكل أطيافها وسيطرت فيها أو استعادت السيطرة على بعض المناطق خلال هذا العام:
• في 11 كانون الثاني/ يناير 2018، أعلنت المعارضة المسلحة عن معركة لاسترجاع المناطق التي خسرتها في منطقة سكة الحجاز بين محافظات حلب وحماة وإدلب؛ حيث تم تشكيل غرفتي عمليات لهذا الغرض، حملت الأولى اسم "ردّ الطغيان" والثانية اسم "وإنّ الله على نصرهم لقدير"، وجاءت هذه المعركة بعد أن اقتربت قوات النظام السوري والميليشيات الموالية لها محاولة التقدم باتجاه المدن والبلدات الواقعة غرب السكة على طريق دمشق – حلب الدولي.
• في 20 كانون الثاني/ يناير 2018، أعلنت المعارضة المسلحة انطلاق عملية "غصن الزيتون" للسيطرة على منطقة عفرين شمال غرب حلب، والتي كانت تخضع لسيطرة قوات سورية الديمقراطية. 
• في 1 شباط/ فبراير 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية بلبل شمال مدينة عفرين (69 كم شمال حلب). 
• في 3 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية راجو شمال غرب مدينة عفرين (67 كم شمال غرب حلب). 
• في 4 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية الشيخ حديد غرب مدينة عفرين (58 كم شمال حلب). 
• في 6 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية شران شمال شرق مدينة عفرين (49 كم شمال غرب حلب). 
• في 8 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية جنديرس جنوب غرب مدينة عفرين (45 كم غرب حلب). 
• في 14 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة إطلاق معركة "الغضب للغوطة"، استطاعت السيطرة فيها على بلدة كرناز الاستراتيجية، لكنها لم تحافظ عليها واستعادها النظام السوري لأسباب تتعلق بسوء التخطيط العسكري بالدرجة الأولى.
• 18 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية معبطلي شمال مدينة عفرين (50 كم شمال حلب). 
• 18 آذار/ مارس 2018، أعلنت المعارضة المسلحة السيطرة على مركز ناحية مدينة عفرين (42 كم شمال حلب). 
قوات سورية الديمقراطية
وسّعت قوات سورية الديمقراطية (قسد) في عام 2018 من نطاق سيطرتها، بفعل المكاسب الميدانية التي حققتها في حربها مع تنظيم داعش، رغم خسارتها لمدينة عفرين، إذ بلغت نسبة سيطرتها نهاية عام 2018 حوالي 27.7%، مقارنة 25.4% نهاية عام 2017. 
بيد أن تطور الأحداث السياسية في نهاية عام 2018، قد يُعرّض قوات سورية الديمقراطية في عام 2019 لخسائر ميدانية كبيرة تفقدها نسباً عالية في السيطرة والنفوذ على حساب القوى الأخرى. 
وفيما يلي تسلسل زمني يوضح التقدم الذي أحرزته قوات قسد المدعومة بشكل مباشر من التحالف الدولي في عام 2018:
• في 1 أيار/ مايو 2018، أعلنت قوات سورية الديمقراطية عن إطلاق المرحلة الثالثة الأخيرة من معركة "عاصفة الجزيرة"، بهدف تأمين الحدود السورية العراقية، والقضاء على جيوب تنظيم داعش المتبقية شرقي نهر الفرات في ريف دير الزور الشرقي والحسكة الجنوبي. وشارك في المعركة إلى جانب قسد قوات الحشد الشعبي العراقي عبر التغطية المدفعية، ودخل سلاح الجو العراقي على خط المعركة أيضاً، بالإضافة إلى التغطية النارية التي وفرتها المدفعية الفرنسية، وتم على إثرها السيطرة على بلدة البوغاز وإبعاد التنظيم عن الحدود العراقية في حين فشل الهجوم على بلدة هجين. 
• في 1 تموز/ يوليو 2018، استكملت قوات سورية الديمقراطية معركة عاصفة الجزيرة، وركزت عملياتها خلال كامل أيام الشهر على طول الشريط الحدودي مع العراق بغرض إبعاد تنظيم داعش منه، واستطاعت قسد إثر ذلك السيطرة على العديد من القرى والبلدات والمخافر الحدودية وحصرت سيطرة تنظيم داعش في عدد من المناطق شرق محافظة دير الزور.
• في 1 آب/ أغسطس 2018، استكملت قوات سورية الديمقراطية معركة عاصفة الجزيرة، واستطاعت خلال أيام الشهر السيطرة على كامل الشريط الحدودي مع العراق وإنهاء وجود تنظيم داعش في هذا الجيب.
• في 10 أيلول/ سبتمبر 2018، استكملت قوات سورية الديمقراطية عملياتها العسكرية ضمن المرحلة الثالثة من معركة عاصفة الجزيرة، وذلك بغرض السيطرة على آخر جيوب تنظيم داعش المحاصر في منطقة الهجين – الباغوز، وكان لافتاً خلال هذا الشهر مشاركة قوات عراقية في المعارك الدائرة ضد التنظيم، كما قدمت المدفعية الفرنسية والأمريكية الدعم الناري لها، واستطاعت قوات سورية الديمقراطية السيطرة على بلدة الباغوز الفوقاني وتقدمت في قرية بوزان لكن التنظيم استعاد السيطرة عليها.
• في 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2018، استكملت قوات سورية الديمقراطية عملياتها العسكرية للسيطرة على آخر جيوب تنظيم داعش المحاصر في منطقة الهجين – الباغوز شرق نهر الفرات، واستطاعت تحقيق تقدم بطيء يقدر بكيلو متر واحد على حساب التنظيم، مستفيدة من قصف إيران لمواقع هذا الأخير بصواريخ بالستية في جيب هجين. وقد أدى كسر الخطوط الدفاعية الأمامية للتنظيم إلى تحقيق المزيد من التقدم لكن بوتيرة بطيئة، إلا أن التنظيم عاد ليشن هجماته المتلاحقة ضد المواقع التي تقدمت إليها "قسد" واستعاد جميع نقاطه التي خسرها في مخيم بادية الهجين والكشمة والبحرة. 
• في 29 تشرين الأول/ أكتوبر أرسلت وحدات الحماية الكردية قوات خاصة للمشاركة في السيطرة على "جيب هجين" بعد استعصاء حصول تقدم فيه، إلّا أنها أوقفت حملتها ضد تنظيم داعش في ريف دير الزور بشكل مؤقت، بسبب الهجمات التي تعرضت لها من الجيش التركي في عين العرب/كوباني.
• في 1 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، استأنفت قوات سورية الديمقراطية حملتها العسكرية للسيطرة على آخر جيوب تنظيم داعش المحاصر في منطقة الهجين – الباغوز شرق نهر الفرات، ورغم إعلان وحدات الحماية الكردية إيقاف حملتها ضد التنظيم نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، إلا أن جميع المحاولات لتحقيق تقدم ملموس على حساب التنظيم في آخر جيوبه لم تلقَ النجاح المفترض رغم التغطية النارية الكثيفة التي يوفرها التحالف الدولي عبر سلاح الطيران والمدفعية، إضافة إلى مشاركة سلاح الجو العراقي في توجيه ضربات لمعاقل التنظيم في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.
• في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2018، استطاعت قوات سورية الديمقراطية السيطرة على بلدة هجين أبرز وأكبر البلدات في الجيب الأخير الذي يسيطر عليه تنظيم داعش في شرق سورية. 
تنظيم داعش
بقي تنظيم داعش في عام 2018 الخاسر الأبرز مثلما كان الحال عليه في عام 2017، حيث خسر المزيد من مواقع سيطرته التي انحصرت في بعض الجيوب، وبالتالي تعرضت نسبة سيطرة التنظيم الكلية إلى التراجع واستقرت عند 1.67%، مقارنة مع النسبة التي استقر عندها نهاية عام 2017 والبالغة 8%. 
وفيما يلي أبرز العمليات الهجومية التي شنها التنظيم في عام 2018:
• في شهر كانون الثاني/ يناير 2018، كثّف تنظيم داعش من محاولاته للسيطرة على قرية غرانيج شرق الفرات التي تسيطر عليها قوات سورية الديمقراطية، في مسعى من التنظيم لفك الحصار عن عناصره في المنطقة، لكن دون تحقيق إنجاز ميداني. 
• في شهر أيار/ مايو 2018، شن تنظيم داعش أكثر من هجوم على مواقع قوات النظام السوري والميليشيات الموالية له في بادية تدمر والميادين. وتركزت عملياته في ريف السخنة وقرب المحطة الثانية وحميمة، لكن دون تحقيق إنجاز ميداني.
• في حلول منتصف شهر حزيران/ يونيو 2018، استطاع تنظيم داعش أن يجد موطئ قدم له في بادية محافظة السويداء، بعد أن عقد اتفاقاً مع النظام السوري جرى بموجبه نقل حوالي 1000 عنصر إلى ريف السويداء الشمالي الشرقي قادمين من مخيم اليرموك، لكنه لم يستطع الحفاظ على هذا الجيب حيث فقد السيطرة عليه بعد اتفاق جديد عقده في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر 2018. 
• في 25 تموز، يوليو 2018، نفذ تنظيم داعش سلسلة من الهجمات في محافظة السويداء، ما أسفر عن مقتل وإصابة حوالي 400 شخص، واختطاف 36 سيدة وطفلاً، أطلق التنظيم سراحهم لاحقاً على دفعتين بعد تفاهمات مع النظام السوري. 
• في شهر أيلول/ سبتمبر 2018، كثّف تنظيم داعش من هجماته في بوادي البوكمال والميادين وتدمر ضد قوات النظام السوري والميليشيات المتحالفة معه، لكن دون تحقيق إنجاز ميداني. 
 
ثانياً: دلالات التحول في الخريطة
تركت التغيرات الكبيرة في خريطة السيطرة هذا العام أثرها على الفاعلين المحليين الأساسيين، وإن كانت هذه التغيرات ناجمة بالأصل عن دعم وتدخل أجنبي، وبالتالي فإنّ حصاد المخرجات يصب بالأصل كأوراق قوة في يد الدول الداعمة، ثم تنعكس بعد ذلك على الفاعلين المحليين، بمن فيهم النظام نفسه. 
النظام السوري
يُعدّ النظام السوري، بما يمثله من تحالف روسي – إيراني، الرابح الأكبر ميدانياً في عام 2018؛ حيث بات يسيطر تقريباً على ثلثي البلاد، بعد أن كان يُسيطر على أقل من الثلث في عام 2012. 
ولم يكن النظام السوري ليصل إلى هذا الحد من الفاعلية الميدانية لولا السياسة الروسية في سورية التي ركزت على الاستفادة من انكفاء القوة العسكرية للولايات المتحدة وحلفائها نحو شرق الفرات (قبل أن تعلن الإدارة الأمريكية نهاية العام انسحابها حتى من هذه المنطقة)، وبالتالي بذلت موسكو جهداً في رفع الغطاء السياسي عن المعارضة المسلحة بغرض إجبارها على الانخراط في نظام المصالحات حتى تجد فيه عامل حماية جديد ينوب عن الحماية السابقة التي فقدتها ولم تعد واشنطن مسؤولة عنها. 
حاولت روسيا أيضاً في عام 2018 الدفع لاستعادة دور النظام كمركز وجعل القوى الأخرى التي ما زالت تتمتع بحماية دولية بمثابة أطراف، وتمثّل ذلك بسعي موسكو لاستعادة النظام الملفات السيادية التي فقدها منذ عام 2011، وذلك بمحاولة: 
1) السيطرة على الطرق الدولية والفرعية الواصلة بين المدن الرئيسية
2) استعادة السيطرة على المعابر الحدودية وإعادة تفعيلها
3) كسر عزلته الدولية
4) تفعيل الحركة التجارية وتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع محيطه الإقليمي وحلفائه الدوليين.  
المعارضة المسلحة
استمرّت المعارضة المسلحة هذا العام في منحى الخسائر الذي دخلت فيه منتصف عام 2015، وتحولت إلى فاعل فاقد القدرة على التأثير أو اتخاذ القرار، وظهر ضعف هذه الفصائل بشكل واضح في عجزها عن الحفاظ على مكاسبها الميدانية في مناطق سيطرتها السابقة وسط وجنوب سورية بعد أن فقدت الحماية أو الغطاء السياسي من الولايات المتحدة وحلفائها، ولجأ بعضها إما لتوفير الحماية من روسيا عبر اختيار البقاء في مناطق المصالحات أو من تركيا عبر اختيار الخروج نحو الشمال السوري حيث هي الضامن فيه. 
ورغم إظهار المعارضة المسلحة لنوع من التنظيم العسكري شمال البلاد، إن أن ذلك لا يخرج عن كونه إطاراً ظاهراً دفعت إليه الظروف الداخلية والخارجية بعد أن أصبحت مضطرة للتناغم مع سياسات تركيا الأمنية والخارجية في سورية، بمعنى أن الفصائل لم تتخلص من تشتتها العسكري والسياسي، بل ربما فقدت القدرة التامة على تبني سياسات مسؤولة أو ذات استقلال نسبي على صعيد القرار العسكري والسياسي.
قوات سورية الديمقراطية
تمكنت قوات سورية الديموقراطية في عام 2018، وللعام الثالث على التوالي، من الاستمرار في منحى الإنجاز المتصاعد ميدانياً، رغم خسارتها الاستراتيجية في عفرين. 
إلا أن الإعلان الأمريكي للانسحاب من شرق الفرات نهاية العام سيترك أثراً كبيراً على كل ما حققته خلال السنوات السابقة، وربما يؤدّي في عام 2019 إلى تلاشيه بالكامل. 
تنظيم داعش
أصبح تنظيم داعش هذا العام خارج معادلة الخسارة والربح، بعد خسارته الكبيرة في عام 2017. ورغم محاولته العودة إلى ساحة التأثير في عام 2018، من خلال تعزيز سيطرته وتواجده في بعض الجيوب ونشاطه الأمني أمام بقية الفاعلين المحليين، لكنه لم يتمكن أو على أقل تقدير لم تظهر لديه قدرة على توفير ظروف جديدة ملائمة لتعزيز صموده، حيث استمر في الخسارة على الصعيد الميداني. 
إلا أن هذه الخسائر وفقدان التنظيم لعوامل أو ظروف تعزيز الصمود، لا تعني إنهاء وجوده مطلقاً أمام بقية الفاعلين المحليين والدوليين. وربما يتمكن التنظيم من إعادة تجميع صفوفه إذا ما مُنح ظروفاً مواتية كتلك التي توفرت له في عامي 2013 و2014.